سبرت الدكتورة زهية جويرو أغوار اللغة العربية وآدابها وحضارتها، وخاضت تجربة مميزة في المسار الأكاديمي حتى ترأست المعهد التونسي للترجمة، وأتت تستكمل في معرض الرياض الدولي للكتاب 2022 رحلتها في ميدان العلم والمعرفة، وتطّلع على أحدث الإصدارات المعرفية والتقتها "الرياض" فأجرت معها الحوار التالي: * من اللغة العربية إلى الترجمة.. حدثينا عن هذه التجربة؟ * كل من يعمل في المجال الأكاديمي لا بد أن يكون عارفاً بالترجمة، فالآداب والعلوم الإنسانية ليست أحادية اللسان وهي مصادر متعددة اللغات، ويستشعر الباحث ضرورة الترجمة، فإما أن يلقى المصدر مترجماً أو يترجمه بنفسه، وهكذا توطدت علاقتي مع الترجمة بصفتي أستاذة جامعية وأحتاج إلى إشباع رغباتي الثقافية، ثم أصبحت صِلتي رسمية مع الترجمة عندما توليت إدارة معهد تونس للترجمة، وأدير الجانب الإداري والعلمي من حيث انتقاء الكتب الجيّدة ومراقبة جودة الترجمة وخلوها من الأخطاء. * من بين كل العلوم الإنسانية.. أين تتموضع الترجمة؟ * الترجمة على مر التاريخ تمثّل جسراً ثابتاً بين الثقافات، إضافة لجسور أخرى نشأت عبر التاريخ خصوصاً أن ظهور وسائل الاتصال كثّف أساليب المثاقفة، وغدا الارتحال من مكان إلى مكان في العالم سلساً وسريعاً، بينما انفردت الترجمة سابقاً بعملية النقل الثقافية، وما زالت هي الوسيلة الأكثر رصانة، ولا بد من مراعاة بعض السياقات لكيّ تنجح في أداء دورها، مثل معرفة ماذا نترجم، وهل سيضيف العمل للمكتبة العربية، ولا يمكن تجاهل تكلفة الترجمة المادية واستنزافها للوقت والجهد، ونظراً لذلك علينا اصطفاء أزكى ما ينتج عالمياً حتى تضيف الترجمة إلينا، وبالمقابل علينا نقل أفضل نتاجنا ونبلغه للعالم. *هل يترجم العرب للغرب أكثر من ترجماتهم للنتاج العربي؟ صحيح، نحن نترجم للغرب أكثر من ترجماتهم لنا، ففي معهد تونس للترجمة ننقل 80 % من اللغات الأجنبية إلى العربية، و20 % نترجم العربية إلى اللغات الأجنبية، والسبب أن الإنتاج العالمي أكثر من الإنتاج العربي. * ما الذي تسعون إلى تحقيقه في معهد تونس للترجمة؟ * هناك قوانين وأهداف محدده تسيّر المعهد، فالهدف الأول هو رفد الثقافة العالمية للعربية بمختلف مجالات المعرفة، خاصة في العلوم الإنسانية، وعلم الاجتماع والفلسفة، والتاريخ، والدراسات اللغوية واللسانية، وهذه الكتب دون شك هي أدوات عمل للباحثين، أما الهدف الثاني التعريف بالثقافة التونسية عند الناطقين بلغات أخرى، مع متابعة ما يصدر عن تونس باللغات الأجنبية. * حدثينا عن منجزكم الإبداعي الأخير؟ * آخر ما ترجمناه مختارات من القصائد التونسية المعاصرة إلى اللغة الإيطالية، وذلك من أجل التونسيين المهاجرين إلى إيطاليا، وقد وُلدت وترعرعت بعض الأجيال هناك ولا تجيد إتقان اللغة العربية، ونحن نرغب في تقوية الاتصال بينهم وبين وطنهم. * كيف شاهدتِ معرض "الرياض للكتاب 2022" واستضافة تونس كضيف شرف؟ * منبهرة ومندهشة من هذه التظاهرة الثقافية الضخمة، وهو محفل كبير من حيث أهداف هذا الفضاء الذي استطاع جمع العرب، ومن خلاله نتعرّف على ما يُصدر في البلدان الأخرى، وكذلك هذا المحفل يسنح برؤية ذاتك في مرآة الآخرين وترى الآخرين في مرآتك، وقد بذلت وزارة الثقافة كل جهدها لإخراجه بأبهى حلة، ونحن نعبّر عن امتنانا وشكرنا لاستضافة تونس كضيف شرف، ولامسنا محبة فيّاضة من السعوديين مثلما شعروا بمحبتنا لهم.