الذين غرقوا في بحيرات الذهب من الرجال والنساء أكثر من الذين غرقوا في بحار العالم الهائجة ومحيطاته الهادرة ب(تسوناميات) تقتلع الجبال وتنسف ناطحات السحاب بمن فيها، وأنهاره وقت الفيضانات وسيوله المتلاطمة التي تجرف التربة وتقتلع الأشجار وتدمر المزارع وتهدم المباني وتفتت رؤوس الجبال وتدربي الحجر والبشر وتُخرج الوحوش من عرائنها والزواحف من مكامنها وتسحب الوعول من أعالي الجبال مُنكّسةً على قرونها: (كأن السباع فيه غرقى عشيةً) كما قال امرؤ القيس في وصف طوفان أصاب الجزيرة في عصره.. الذين غرقوا في بحيرات الذهب من الرجال والنساء أضعاف الذين غرقوا في كل تلك الكوارث المروِّعة، وما سببوه من دمار وإتلاف في الموارد والأملاك يفوق ما سببته كوارث البحار والأنهار والأمطار بأضعاف، فوق ذلك فإن للأنهار والبحار والأمطار من الفوائد ما يفوق أضرارها آلاف المرات، بعكس الذين أعمى بريق الذهب فيهم البصائر والأبصار حتى عاثوا في الأرض بالفساد فكلها أضرار لا تقتصر على نهب الأموال وخراب المشاريع بل تشمل خراب الضمائر والأخلاق.