سأل الأمير محمد الرشيد في ديوانه المستشرق الإنجليزي تشارلز داوتي ضمن سلسلة الأسئلة الاستجوابية التي طرحها عند زيارته لحائل عام 1878م ما الوحوش البرية التي رآها في رحلته فأجاب بأنه ليس صياداً ولكنه رأى بكثرة الأرانب والغزلان، فثنى بن رشيد سؤاله: هل أكل لحم الأرنب حلالاً.. هل تأكله؟ ومثل الكثير من الإجابات الغريبة لداوتي صرف الحديث وقال ثمة وحش غريب في براري الشرارات يسمونه الثور البري أو (الوضيحي) ولدي بعض قرونه من تيماء. سأل بن رشيد داوتي: ألم تشاهد الوضيحي؟ لدينا واحد منها هنا وسوف نوريكياه.. "ألا تشرب الدخان"؟ وهنا يعلق داوتي: إن تعاطي التبغ لم يشاهد بعد في شوارع نجد بل مسموح داخل الأبواب ويعتقدون أنه غير لائق لدى الأشخاص الذين لهم وقار ودين أكثر مما لدى الناس العاديين. كان محمد نفسه وابن عمه حمود سابقاً مشاركين في شرب الغليون لكن بحسب التخمين فقد تخليا عن سلوانهما إلى الحميدي العطري قال الأمير هكذا إذاً فأنت مسيحي – تلك كانت كلمة كريمة فهو لم يعد يناديني بالاسم التأنيبي نصراني! كذلك فإن الأمير كما يقولون لدية امرأة مسيحية بين زوجاته والنصارى ذوو اللسان العربي في أراض الحدود يسمون أنفسهم مسيحيين. هنا طلب بن رشيد من نصر أن يقرأ كتاباً تاريخياً على الرف مجلد بالأحمر عنوانه "أخبار الدول وآثار الأول من التاريخ" وما كتب فيه عن نبي الله عيسى بن مريم فقرأه السكرتير بصوت عال. يحكي لنا المؤلف المحمدي (والقول لداوتي) عن شخص ولون وصفات يسوع ابن العذراء البشرية وأسلوب حياته النبوية وكيف كان يسير مع مريديه في أرض إسرائيل وكان من عادته أن ينام في المكان الذي تغرب عليه الشمس فيه. كان الأمير يصغي بتجهم إلى هذه الحكاية وبنفاذ صبر أراد أن ينهي القراءة بسؤال مردداً قبله حسناً.. حسناً لكن ما الذي دفعك للقيام بمثل هذه الرحلة؟ رد داوتي فجأة العلوم! العلوم الإنسانية وأجاب الحاكم على الفور وهل من هذا جئت إلى هنا! كان من الصعب أن يبين له كما قال بما كان يقصده بالعلوم لأن ليس لديهم أية خبرة بالطرق المعزولة هكذا عن الأعمال الشفهية الشائعة للجنس البشري عندئذ قال: وهذه اللغة ألم تتعلمها بين البدو هل تقرأ العربي؟ وأمر نصر بجلب الكتاب ووضعه في يد داوتي ونهض الأمير محمد من مكانه وهنا يعلق داوتي: يقال أنه يجيد القراءة وشاعر ورجل لطيف في تسيير الشؤون الراهنة لبلده وهو أيضاً مشغول الذهن أكثر مما ينبغي ليمضي فترة أطول في العلم وبالفضول النافذ الصبر للعرب حيث أقبل بن رشيد وجلس إلى جوار داوتي وسأل أين ستقرأ؟ ابدأ من هنا وأشار بأصبعه وهكذا قرأ داوتي عشوائياً: أي زعيم يذبح إخوانه وأقربائه فهو شيطان كانت هذه العبارة في هذا الكتاب الدموي كما أسماه هي ما وقعت عليه عينه تأثر الأمير بشكل ملحوظ كما يقول وبالشعور السريع للعرب قال بسرعة بل انتقل إلى هنا واقرأ من هذا الفصل وهو ينقر بأصبعه حيث قرأ فصلاً استحسنه الأمير ثم علق أرى أنك تعرف القراءة باللغة العربية ولكنها ليست جيدة وهنا ءنهى الأمير جلسته وهو ينهض ويمضي ألى مكانه مرة أخرى سائلاً إلى أين ستذهب: إلى بغداد جيد جداً سنرسلك إلى بغداد وبهذه الكلمة نهض الأمير وانطلق مع حاشيته إلى بستان النخيل حيث سيري داوتي البقر البري..(يتبع) .. الضباء الأرنب البري سعود المطيري