بينت المخابرات العسكرية البريطانية السبت أن الحرب الروسية في أوكرانيا على وشك الدخول في مرحلة جديدة، حيث تحول معظم القتال إلى جبهة يصل طولها إلى ما يقرب من 350 كيلومتراً تمتد في جنوب غرب البلاد بالقرب من زابوريجيا إلى خيرسون بمحاذاة نهر دنيبر. وأضافت وزارة الدفاع البريطانية على تويتر أنه يكاد يكون من المؤكد أن القوات الروسية تحتشد في جنوبأوكرانيا، حيث تستعد لصد هجوم مضاد أو شن هجوم محتمل. وتستمر قوافل طويلة من الشاحنات العسكرية والدبابات والمدفعية والأسلحة الروسية في الابتعاد عن منطقة دونباس الأوكرانية متجهة صوب جنوب غرب البلاد. وذكرت وزارة الدفاع البريطانية في تحديث يومي أن مجموعات تكتيكية، تضم ما بين 800 و1000 جندي، تم نشرها في شبه جزيرة القرم ومن شبه المؤكد استخدامها لدعم القوات الروسية في منطقة خيرسون. وقالت: إن القوات الأوكرانية تستهدف الجسور ومستودعات الذخيرة وخطوط السكك الحديدية بوتيرة متزايدة في مناطقها الجنوبية، بما في ذلك خط السكك الحديدية المهم استراتيجياً الذي يربط خيرسون بشبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا. بدوره، أعلن جيش أوكرانيا أن القوات الروسية تهاجم بشراسة باخموت، حجر الزاوية في نظام الدفاع حول آخر منطقة حضرية، خاضعة لسيطرة أوكرانيا، في منطقة "دونباس" شرق البلاد. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، في تقرير حول الوضع، صباح السبت: إن "العدو يشن هجوماً على باخموت. القتال مستمر". وكان المتمردون الموالون لروسيا قد تحدثوا في اليوم السابق عن قتال بالفعل داخل المدينة. ومنذ السيطرة على منطقة "لوهانسك" أوائل يوليو الماضي، يتركز الهجوم الروسي في شرق أوكرانيا، في منطقة "دونيتسك" المجاورة. وتشكل "لوهانسك" و"دونيتسك" منطقة "دونباس"، وهي منطقة يقطنها غالبية من المتحدثين بالروسية، وهي محور أهداف حرب موسكو منذ أشهر. وخطوة بخطوة، تمكن الغزاة الروس من صد المدافعين الأوكرانيين في الأسابيع الأخيرة. ويسيطرون الآن على حوالي 60 % من المنطقة. ويستمر القتال خارج العاصمة الإقليمية السابقة، دونتسك، مباشرة والتي تخضع لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا منذ عام 2014. وتحاول القوات الموالية لموسكو دفع الأوكرانيين إلى الوراء أكثر. وفي منطقة بلدة "أفديفكا" شمال "دونتسك"، وقعت عدة محاولات للهجمات، التي تم صدها، حسب هيئة الأركان العامة الأوكرانية. ويتم قصف أجزاء واسعة من المنطقة بالمدفعية. غير أنه في جنوب البلاد، تسير المبادرة في طريق الأوكرانيين. وهناك تركز قوات روسية على الدفاع عن مواقعها في المناطق المحتلة، طبقاً لتقرير حول الوضع. وكانت القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني قد تحدثت في وقت سابق عن تدمير ستة مستودعات أسلحة وذخيرة روسية على الأقل بالإضافة إلى موقعي قيادة في منطقة "خيرسون". من ناحيتها، أعلنت رئيسة فرع منظمة العفو الدولية في أوكرانيا أوكسانا بوكالتشوك استقالتها بعد تقرير للمنظمة غير الحكومية اتهم القوات المسلحة الأوكرانية بتعريض المدنيين للخطر، مما أثار غضب كييف. وقالت بوكالتشوك في بيان على صفحتها على فيسبوك فجر السبت: "أعلن استقالتي من منظمة العفو الدولية في أوكرانيا"، معتبرة أن التقرير الذي نُشر في الرابع من أغسطس خدم عن غير قصد "الدعاية الإعلامية الروسية". وكانت منظمة العفو الدولية أكدت الجمعة أنها تتحمل بالكامل مسؤولية تقريرها الذي يتهم الجيش الأوكراني بتعريض المدنيين للخطر في مقاومته للغزو الروسي، عبر نشر بنى تحتية عسكرية في مناطق مأهولة بالسكان. وأثار نشر الوثيقة في اليوم السابق غضب كييف. وذهب الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى حد اتهام المنظمة غير الحكومية "بمحاولة تبرئة الدولة الإرهابية" الروسية عبر "المساواة بشكل ما بين الضحية والمعتدي". وقالت بوكالتشوك: "من لا يعيش في بلد غزاه محتلون يقسمونه، قد لا يفهم معنى إدانة جيش من المدافعين". وأضافت أنها حاولت من دون جدوى إقناع إدارة منظمة العفو الدولية بأن التقرير منحاز ولم يأخذ في الاعتبار آراء وزارة الدفاع الأوكرانية. وأكدت منظمة العفو أنها اتصلت بمسؤولي وزارة الدفاع الأوكرانية في 29 يوليو بشأن النتائج التي توصلت إليها، لكنها لم تتلق رداً في الوقت المناسب قبل إصدار تقريرها. ورأت كالتشوك أن منظمة العفو "أعطت وقتاً قصيراً جداً" لوزارة الدفاع "للرد". وأضافت "نتيجة لذلك، أصدرت المنظمة عن غير قصد تقريراً بدا أنه يدعم عن غير قصد الرواية الروسية"، معتبرة أنه "بدافع حماية المدنيين، تحول هذا التقرير أداة دعاية روسية". وكانت كالتشوك كتبت في منشور على فيسبوك أن منظمة العفو تجاهلت طلبات من فريقها بعدم نشر التقرير. وأضافت: "كان لدي أمل ساذج في أنه يمكن أن يتم إصلاح كل شيء واستبدال النص بآخر، لكنني أدركت اليوم أن ذلك لن يحدث". وأكدت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار الجمعة أن استنتاجات التقرير "تستند إلى أدلة تم الحصول عليها خلال تحقيقات واسعة النطاق تخضع لمعايير صارمة وإجراءات تحقيق واحدة في جميع أعمال" المنظمة غير الحكومية. واتهمت المنظمة في تقريرها بعد تحقيق استمر أربعة أشهر الجيش الأوكراني بنشر قواعد عسكرية في مدارس ومستشفيات وشن هجمات من مناطق مأهولة بالسكان، وهو تكتيك يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي على حد تعبيرها. لكن المنظمة غير الحكومية أكدت في الوقت نفسه أن التكتيكات الأوكرانية لا "تبرر بأي حال من الأحوال الهجمات الروسية العشوائية" التي تصيب السكان المدنيين.