على الرغم من حالات عدم اليقين التي تكتنف حياتنا ثمة حقيقة يجدر بنا أن نعيها وهي أن الرهان الجوهري على مستقبلنا، هو ذلك البرهان الذي نقدمه من أجل إثبات رغبتنا وقدرتنا على التغيير وحب الحياة، والايمان بأفكارنا والدفاع عنها حيث الأفكار هي نتاج النشاط العقلي للإنسان عندما يواجه المشكلات، لذلك يجب أن ندافع عما نؤمن به ونعتقد أنه حقيقتنا ويمثلنا، والمتتبع للإعلام الغربي يجد ثقافة تسطع بالكثير من الجاذبية والإبهار بجانب التقنية شديدة الإبهار والصناعة المغلفة بالإبداع والدعاية المتحيزة، ونحن نتلقى كل هذا بإعجاب مفرط ودون أدنى مسؤولية وتفكير وتحليل وهذا الإعلام الموجه والذي ما فتئ ينتقص منا في كل مناسبة نجده يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنمو الوعي والذي يرتبط بدوره بتنظيم الإنسانية كوحدة معنوية بعقل جمعي، والمواجهة الحالية بين مجتمعاتنا العربية والثقافات الأجنبية ذات العرض الإعلامي المغري تكمن خطورتها بعدم استعدادنا وعدم قدرتنا على احتواء هذا التدفق الهائل للمعلومات والثقافات والمعتقدات والتوجهات كذلك النماذج الجاهزة العرض على فاترينا إعلام الشعوب، والواقع أنه لا توجد أي منتجات ثقافية ومعلوماتية تساوي ما تُصدّره البلاد الأجنبية لنا، وما يصلنا من ثقافات أجنبية جذابة وباهرة عن طريق الإعلام المرئي والمسموع والإعلام الجديد حل محل ثقافتنا التي مفترض أن تكون حاجز صد قوي ضد أي ثقافة دخيلة عن طريق تنوعها واحتوائها لكل جديد بما يتناسب مع ثقافتنا، تلك الفارغة من محتواها، فنحن لم نتعلم حتى الآن كيف يمكن أن نستخدم الإعلام من أجل تعزيز وبناء ثقافتنا وهويتنا، ولا نعي حجم خطورة هذا السلاح النافذ لو أننا عرفنا كيف نتعامل معه وبه، والتاريخ يؤكد على أن الإعلام قد استخدم في بلورة الرأي العام وإدارة حكم الرأي في أغلب الدول، وهي استراتيجيات جادة للتأثير على الرأي العام، ففي كندا عام 1932م دفع الخوف من (التأمرك) إلى إنشاء منشأة وطنية عامة، وقد أصبح هذا الخيار لازمة السياسة الكندية على صعيد الإذاعة، وبمعنى أوسع وأشمل في مجمل الصناعات الثقافية خلال السنوات التالية . أما بالنسبة لمجتمعنا فيجب أن نحدد خطوة البداية وهي أن نعرف باختصار، أي مجتمع نريد وفقاً لقانون (التبادل الحر) وعندما نحدده تكون هناك حركة مصالحة بين الواقع والفكرة والمعلومة والثقافة والصورة الذهنية التي نريد أن نصدرها عنا. فلا يجب أن نراكم المعوقات ونتفرج عليها، فالتوجه نحو الإعلام المملوء بالثقافة والعلم المنشط للوعي هو سلاحنا لتعزيز هويتنا وتحسين صورتنا أمام العالم.