سئل الزعيم البولندي البارز "ليش واليسا" عن أسباب انهيار الأنظمة الشيوعية في دول شرق أوروبا والاتحاد السوفييتي فقال باختصار "إن كل ماحدث بدا من التلفزيون". ينقل لنا الإعلام الغربي ثقافة تسطع بالكثير من الجاذبية مضافة إلى المال والتقنية والصناعة، ونحن نتلقى كل هذا بسذاجة ودون أدنى مسؤولية، فمستقبل الإعلام الموجه يرتبط ارتباطا وثيقاً بنمو الوعي والذي يرتبط بدورة بتنظيم الإنسانية كوحدة معنوية وحقوقية، والمواجهة الحالية بين مجتمعاتنا العربية والثقافات الأجنبية ذات العرض الإعلامي المغري تكمن خطورتها بعدم استعدادنا لاحتواء هذا التدفق الهائل للمعلومات والثقافات والنماذج الجاهزة العرض على فاترينا إعلام الشعوب العربية، والواقع انه لا توجد أي منتجات ثقافية ومعلوماتية تساوي ما تُصدّره البلاد الأجنبية لنا، وما يصلنا من ثقافات أجنبية جذابة وباهرة عن طريق الإعلام المرئي والمسموع والإعلام الجديد حل محل ثقافتنا التي مفترض أن تكون حاجز صد قوي ضد أي ثقافة دخيلة عن طريق تنوعها واحتوائها لكل جديد بما يتناسب مع ثقافتنا، تلك الفارغة من محتواها، فنحن لم نتعلم حتى الآن كيف يمكن أن نستخدم الإعلام من أجل تعزيز وبناء ثقافتنا وهويتنا، ولا نعي حجم خطورة هذا السلاح النافذ لو اننا عرفنا كيف نتعامل معه وبه، وقد جاء على لسان الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش خلال الاحتفال بافتتاح جناح للصحافيين بالبيت الأبيض عام 2007 (لا تعجبكم أحياناً القرارات التي أتخذها، ولا تعجبني أحياناً الطريقة التي تكتبون فيها عن القرارات، ولكن تلك العلاقة جزء مهم حقاً من نظامنا الديمقراطي). وهذا يؤكد على ان الإعلام قد استخدم في بلورة الرأي العام وإدارة حكم الرأي، وهي استراتيجيات جادة للتأثير على الرأي العام، وهذا ليس جديداً على العالم، ففي كندا عام 1932م دفع الخوف من (التأمرك) إلى إنشاء منشأة وطنية عامة، وقد أصبح هذا الخيار لازمة السياسة الكندية على صعيد الإذاعة، وبمعنى أوسع وأشمل في مجمل الصناعات الثقافية خلال السنوات التالية أما بالنسبة لمجتمعنا فيجب أن نحدد خطوة البداية وهي أن نعرف باختصار، أي مجتمع نريد وفقاً لقانون (التبادل الحر) وعندما نحدده تكون هناك حركة مصالحة بين المعارف والمجتمع بإشراك المواطنين بالنقاشات حول خيارات المجتمع الكبرى. فلا يجب أن نراكم المعوقات ونتفرج عليها، فالتوجة نحو الإعلام المملوء بالثقافة والعلم المنشط للوعي هو سلاحنا لتعزيز هويتنا وتحسين صورتنا أمام العالم. *ثَمَة كَلِمة تُوقِظٌ الشُبُهَات: فِيْ فَوضَى النُفُوسِ لاَ بُدّ مِنْ العَودَةِ للِعَقلِ.