للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف، وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، "الرياض" تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف الشاعرة والكاتبة السعودية مرڤت فاروق غزاوي الحاصلة على بكالوريوس آداب قسم تاريخ حول مكتبتها التي وصفتها بقولها: "صخب فكري في زاوية هادئة هو مكان مكتبتي المنزلية الصغيرة الكبيرة، هكذا أسميها يجتمع فيها مجموعة من المفكرين والأدباء أصحاب الأقلام الخالدة، صفحات تعبق بالفكر والأدب والفنون.. مكتبتي هي عالمي الخاص، والملجأ الذى استريح بين ضفافه كلما شعرت بحاجتي للرفقة . صحبة تفرض على الوقت الانحناء لها في كل زمان فيتنازل لها عن ساعاته طواعية.. الكتاب رفقة مخلصة دائمة التواجد حاضرة لتلبية النداء كلما طلبت النفس إلى رحلة في عالم المعرفة". أهديت جزءاً من مكتبتي لجامعة الإمام محمد بن سعود * في أيِّ مرحلة من العمر تعرَّفتِ على الكتاب؟ * تعرفت على الكتب من سن عشر سنوات فلقد كان الوالد - رحمه الله- قارئا ولديه مكتبة متنوعة بين كُتب الدين والأدب والثقافة بشتى مجالاتها، كنت أسأله عن الكتب حين يلفت نظري عناوينها، وكان لا يبخل عليَّ بالشرح، وفي سن الثالثة عشرة وجدت من بين الكُتب رواية «إني راحلة» للأديب يوسف السباعي وكانت أوّل كتاب قرأته كاملاً . * هل تستطيعين تحديد بعض بدايات تأسيس مكتبتكِ المنزليَّة؟ وجدت نفسي في الحروف التي تُحاكي المشاعر * أحببت الكَتب وبدأت في إنشاء مكتبتي الخاصة، وأنا في نهاية المرحلة الثانوية، اقتنيت مجموعات شِعرية حيث أحببت الشِّعر بكل مدارسه وكذلك الروايات وكُتب التاريخ وعلم النفس والفلسفة، وتنوّعت مكتبتي تدريجياً بالعديد من كُتب أهم أدباء وشعراء العصر الحديث. * ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتكِ الشَّخصيَّة؟ * أذكر وقتها أنه لم تتوفر الكُتب هنا فكنت إذا سافرت إلى القاهرة أعود محملة بالكُتب من دار الكتاب المصري اللبناني، وبالطبع زيارة حتمية لسور الأزبكية حيث كانت تعرض مجموعات كبيرة من الكُتب هناك فكانت هذه متعتي الحقيقية، وكنزي الغالي. * حدثينا عن أوائل الكُتب التي دخلت مكتبتك؟ * من أوائل الكُتب كانت مجموعة روايات: إحسان عبدالقدوس، نجيب محفوظ، يوسف إدريس، يوسف السباعي، ومجموعة كبيرة من كُتب الكاتب المصري أنيس منصور وجبران خليل جبران وغادة السمان، ومن الشعراء: أحمد شوقي، البارودي، صلاح عبدالصبور، أحمد رامي، إبراهيم حافظ، والمجموعة الكاملة لنزار قباني، البردوني، السياب، أمل دنقل، وغيرهم الكثير. * هل لديكِ شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة أو شبه القديمة؟ * كنت أحتفظ بالصحف والمجلات ولكن مع الانتقال من منزل لآخر فقدتها مع الأسف، ازدادت مكتبتي ثراءً وانضم إليها مع الوقت كُتب لكتّاب سعوديين دواوين «المحروم» سمو الأمير عبدالله الفيصل، والأمير خالد الفيصل والمجموعة الخضراء لطاهر زمخشري، دواوين وروايات القصيبي وعبده خال، حمد التركي، والكثير غيرهم. ولقد أهديت جزءا من مكتبتي لمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. * هل يوجد في مكتبتك كُتب مُهداة بتوقيع مؤلفيها؟ * لديَّ بكل فخر مجموعة كتب قيّمة موقعة من أدباء وشعراء من جميع أنحاء الوطن العربي الذين التقيت بهم في مناسبات ثقافية متنوعة. * ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ * زياراتي لمعارض الكتاب التي تُقام في داخل وخارج المملكة استفدت منها في إثراء معرفتي باتجاهات الفكر المختلفة من خلال اللقاء بقامات أدبية، أيضاً باقتناء المزيد من الكُتب المتنوعة، والحمد لله النهضة الفكرية بتوجيهات خادم الحرمين الملك سلمان والمرافقة لرؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظهم الله - والتي أتاحت لنا الفرصة من خلال وزارة الثقافة بالوجود في معارض الكتاب الدولية المقامة بالمملكة، واللقاء بأكبر عدد من المفكرين والأدباء من مختلف العالم. قدمت لنا الوزارة مشكورة الدعم المعنوي ولا ننسى أيضاً فضل وزارة الإعلام ودورها الفاعل في التعريف علينا، والتغطية الإعلامية المميزة المسموعة والمرئية. * ما أطرف العناوين الموجودة في مكتبتك ؟ * من أطرف الكتب التي اقتنيتها «الولد الشقي» للكاتب الساخر محمود السعدني، وكتاب «كلام فارغ «لأحمد رجب. * بما أنكِ مُهتمة بالكُتب ولديك مكتبة خاصة.. ما أبرز الكُتب التي تحرصين على قراءتها؟ * ما زال شغف القراءة يلازمني، أقرأ كل ما تصل إليه يدي، ويحفز أفكاري، وإن كان حُبَّ الشِّعر هو المسيطر على ذائقتي في كل الأوقات وبكل مدارسه. * هل ساعدتكِ المكتبة الخاص بكم على التأليف؟ * وجدت نفسي في الحروف التي تُحاكي المشاعر الإنسانية والوجدانيات، الحُبَّ بمعناه الكبير الذي يجعل من النفس البشرية قاعدة انطلاق لفضاء من التميز، وعالم من الشفافية التي أصلها القيم والمبادئ الراسخة في جذورنا، والتي تكّون الإنسان الحقيقي. أميل بطبيعتي في الكتابة إلى المفردات السهلة، والتي يستطيع أي فرد، وكل فئة عمرية فهم معانيها ببساطة . * هل طرافة الكتاب، أو طرافة موضوعه من معايير انتقائه؟ * ليست الطرافة هي المعيار بالطبع، ولكن القيمة الفكرية والمعلومات التي تفتح أفق التفكير وتحرك نبض الإحساس هي الدافع الأساسي لاقتناء الكتاب، قد يشدني العنوان ولكني دوماً أبحث عن المضمون بغض النظر، وإن كان بعض الكّتاب مجرد اسمه يكفي لأن تقتني كتابه وذلك لتاريخه وقلمه المميز وعلى سبيل المثال ولا الحصر أذكر د. غازي القصيبي - رحمه الله -. * هل يوجد في قراءاتك كُتب ما زالت عالقة في الذهن، وما أسلوب الكاتب الذي يعجبك؟ * مجموعة الشاعر المصري فاروق جويدة من أكثر الكُتب التي أظل اشتاق للعودة إليها بأسلوبه السهل، ومشاعره المتدفقة على الصفحات بغزارة. * ماذا تفضلين.. المكتبة الورقية أم الرقمية؟ وما السبب؟ * أنا من ذلك الزمن الذي يستمتع باقتناء الكتاب الورقي فإن ملمس الورق يشعرك بدفء الحروف وبين الصفحات تترك بصماتك لتقول: نحن سنظل دوماً هنا. * هل مكتبتك متخصصة أو متنوّعة؟ * كما ذكرت مكتبتي متنوّعة بين كُتب الدين والأثر والدواوين الشِّعرية، والكُتب الاجتماعية والروايات القديمة والحديثة، فتجد ديوان ابن زيدون والمتنبي وأخرى لكتاب شِعر نثري، حكايات كليلة ودمنة، وروايات مترجمة عالمية، وأخرى مجموعة مقالات علمية واجتماعية، مكتبتي صغيرة الحجم كبيرة الكتّاب مميزة الحرف. * كم بلغ عدد مؤلفاتك حتى الآن، ومتى صدر لكِ أوّل كتاب؟ وما هو؟ * وفقني الله إلى تجميع وإصدار أوّل كتاب لي:»هزيمتي فيك انتصار» منذ خمس سنوات، وتوالت بعده إصداراتي: على جناح قلب، كتاب خواطر، ما قالته العراف، حين تحكي الأيام، حتى، وكتابي القادم قريباً «ألف ألف» قيد الطباعة، وجمعيها دواوين للشِّعر الحر، ولي ست مشاركات في عدّة كُتب لمجموعة من كتّاب وأدباء الوطن العربي أذكر منها: نبض الأشجان، أقاصيص «مجموعة قصصية»، صرير الريشة، المكنز، قلم وفرشاة. * هل تقتنين الكتاب من خلال توصيات، أو بانتقاء شخصي؟ * انتقي الكتب حسب ما يتناسب مواضيعه، واهتماماتي مع ذائقتي، صنعتنا القراءة وكانت الوحي الحقيقي لحبر أقلامنا الذي كتبنا به. * ما القراءة بنظرك؟ * القراءة.. عبارة عن حياة نعيشها بين الصفحات بمثابة عمر متجدد لعقولنا. * ما رسالتُكِ التي توجّهينها لكلِّ من يملك مكتبة خاصَّة؟ * من موقعي اليوم أناشد كل من يمتلك مكتبة خاصة به أن يتمسّك بها بالرغم من كل الظروف فإنها الكنز الذي لا يعوض، والذي ستحتاج دوماً في الرجوع إليه لترتوي. * كلمة أخيرة: * أشكركم على إتاحة الفرصة لي بأن أقدّم نفسي، وأتمنى أن أكون قد تركت لديكم الانطباع الحسن الذي يعبر عني بطريقة صحيحة، أكرر شكري وامتناني لجريدة «الرياض» والمشرف على صفحة «زيارة إلى مكتبة» الأخ الفاضل الشاعر الأستاذ بكر هذال الذي منحني المجال لتقديم نفسي. مكتبة الضيفة تضم كتباً نادرة سور الأزبكية وجود مستمر للضيفة بالمكتبة أحد الكُتب المُهداة للضيفة