للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، «الرياض» تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف الشاعر والأديب سعد الغريبي الذي تحتوي مكتبته على مختلف موضوعات الكُتب الدينية واللغة العربية والأدب والتاريخ والجغرافيا والعلوم والمجتمع والإعلام والمنوعات، وقد فهرسها فهرسة إلكترونية داخل كل قسم رتبت الكُتب حسب التفرعات الدقيقة، فعلى سبيل المثال في الأدب تجد كتب التراث، ثم تاريخ الأدب، ثم الدراسات الأدبية للظواهر الأدبية ثم الدراسات بحسب الأماكن الجغرافية والعصور، فالدراسات الخاصة بأدباء معينين، ثم تأتي كتب النقد بصفة عامة ويتفرع منها نقد الشعر ونقد الرواية، ثم المجموعات الشعرية والدواوين القديمة ثم الحديثة، فالقصص والروايات العربية ثم الأجنبية. وفضلاً عن المكتبة الورقية يوجد مكتبة إلكترونية موازية بها بمئات الكُتب والدواوين الشعرية والروايات. لا سيما الموسوعات وكُتب التراجم والمجلات القديمة مثل: «الزهور والرسالة». * في أيِّ مرحلة تعرَّفتَ على الكتاب؟ * تعرفت على الكتاب يوم أن دخلت المدرسة وتسلّمت الكُتب المدرسية، كانت علاقتي بالكتاب، ولا سيما كُتب القراءة والأناشيد علاقة وديّة، ليست كعلاقة أبنائنا اليوم بالكتاب المدرسي، لعل ما في كُتب القراءة والأناشيد من حكايات لطيفة حببني إليها، ولذا كانت القراءة الحرّة فيما بعد هواية محببة، وبخاصة أنها كانت تقدم لنا خيارات أكثر من الكتاب المدرسي. * هل تستطيع تحديد بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ * الكُتب كانت أسبق مني وصولاً للبيت، فقد وجدتها أمامي منذ أن وعيت نفسي، ففي بيتنا الكبير كانت عند أبي مكتبة، يقرأ منها كل يوم على أبيه «جدي» بطلب منه، ويقرأ على أعيان القرية حين ينعقد مجلسهم في بيتنا حسب جدول الملتقى، وفي بداية المرحلة الثانوية بدأت بتكوين مكتبتي، ثم توفي أبي في الفترة نفسها، فورثت مكتبته. * ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ * لعل من حسن حظي أن أعيرت خدماتي لمكتب التربية العربي لدول الخليج رئيساً لوحدة المطبوعات والنشر في منتصف الثمانينات الميلادية، وكان من مهامي تمثيل المكتب في معارض الكُتب التي كان يشارك فيها، فحضرت معارض كل من تونس والقاهرة والكويت والبحرين والشارقة فضلاً عن الرياض، وفي كل مرّة كنت أعود بعدد من الإصدارات التي تهمني. وما زلت حريصاً على حضور معارض الكتاب واقتناء ما يلبي شغفي. * ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتك الشخصية؟ * أصبح اقتناء الكُتب عندي حاجة، وفي كل مرحلة يتغير الاتجاه لكُتب بعينها، ففي المرحلة الجامعية اقتنيت المراجع اللغوية والأدبية ودواوين الشعراء، وعملي بعد ذلك في مجال التدريس والإدارة المدرسية والإشراف التربوي اضطرني لاقتناء كُتب التربية وطرائق التدريس، والإدارة المدرسية والإشراف التربوي، ودراستي للماجستير في علم اللغة التطبيقي جعلني أقتني كُتب اللسانيات. وحتى بعد التقاعد المبكر، وعملي في الموارد البشرية في القطاع الخاص اقتنيت الكُتب المتخصصة في هذا المجال. * حدثنا عن أوائل الكُتب التي دخلت مكتبتك؟ * كتاب «بلال بن رباح» لعبدالحميد جودة السحار اقتنيته في المرحلة المتوسطة، «المهلهل سيد ربيعة» لمحمد فريد أبي حديد، «قصة العرب في إسبانيا» لعلي الجارم، وهما من المقررات الإضافية المكملة لمادة القراءة في المرحلة الثانوية. ومن المقررات المدرسية التي أحتفظ بها في مكتبتي كتاب «توحيد وتهذيب» لسعيد الجندول، ومن بواكير الكتب التي اشتريتها «أبو القاسم الشابي حياته وشعره» لأبي القاسم محمد كرو، وديوان «عمر بن أبي ربيعة» و «الشوقيات». * هل تحتفظ في مكتبتك بمخطوطات؟ * عندي بعض رسائل للإمام محمد بن عبد الوهاب مثل «الأصول الثلاثة»، ورسائل أخرى مثل «وظائف شهر رمضان» مكتوبة بخط اليد، ورثتها من مكتبة جدي -رحمه الله-، لكني لا أسميها مخطوطات، لأنها نسخ من كُتب مطبوعة، والنسخ آنذاك كان إحدى وسائل اقتناء الكُتب، ولا أعدّها ذات قيمة بعد أن أصبحت اليوم مطبوعة ومحققة، ولو كان عندي مخطوطات لم تحقق لدفعتها إلى مكتبات الجامعات لتتولى تحقيقها، فهو مكانها الطبعي، أما التي حُققت وطبعت فلا أرى جدوى من الاحتفاظ بها. * ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ * عندي كُتب قديمة الطبعات، ولا أدري إن كانت نادرة، فالنادر هو غير المتوفر في المكتبات العامة والخاصة، ولا أعتقد أن ما لديّ نادر. ومن هذه الكُتب ديوان «ابن مشرف» وملحق به منظومات أخرى، طبع في مطبعة أم القرى سنة 1355ه، والطبعة الأولى من ديوان «ألحان الخلود» لزكي مبارك سنة 1947م، والطبعة الثانية من «سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر» لابن معصوم المدني سنة 1382ه، و»الأغاني» طبعة بولاق 1970م، وكتاب «تأملات في الأدب والحياة» لمحمد حسن عواد وهي فصول كتبها بين سنتي 1351 و1355ه، وبعض الرسائل للشيخ عبدالله بن حميد تعود لسنة 1374ه، وكتاب من أجمل ما قرأت في البلاغة هو كتاب «حسن الصياغة شرح دروس البلاغة» لمؤلفه علم الدين محمد ياسين الأندنوسي. * هل لديك شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة؟ * لا أحتفظ بالصحف، أما المجلات فعندي أعداد من مجلتي الأديب والبيان في السبعينات الميلادية. وقد تخلصت من كثير من المجلات بعد أن أصبحت متوفرة ومؤرشفة في الشبكة العنكبوتية. * هل يوجد في مكتبتك كُتب بتوقيع مؤلفيها؟ * كثير والحمد لله، فمعظم أصدقائي من الشعراء والكتّاب والأدباء يتكرمون عليّ بإهدائي جديدهم كلما التقينا، وأحياناً يستعجلون -مشكورين- بإرسالها عبر البريد. * ما أطرف العناوين الموجودة في مكتبك؟ * من أطرف ما في مكتبتي كتاب «عنوان الشرف الوافي في علم الفقه والعروض والتاريخ والنحو والقوافي» لإسماعيل بن أبي بكر المقرئ، من علماء القرنين الثامن والتاسع الهجريين، وطرافته لا تكمن في احتوائه على خمسة علوم فحسب؛ بل في طريقة عرضه لهذا المحتوى، فأصل الكتاب كتاب فقه على المذهب الشافعي، وإذا أردت أن تقرأ كتاب العروض فعليك أن تقرأ عموديا الحرف الأول من كل سطر، وكتاب «التاريخ» وهو مختص بتاريخ دولة بني رسول التي ينتمي لها المؤلف يقرأ عموديا أيضاً من وسط السطر كلمة كلمة، ومثل ذلك في النحو، ثم القوافي بقراءة الحرف الأخير من كل سطر، ولتمييز كل علم من الآخر جعل لكل عمود يمثل علماً لوناً مختلفا عن الآخر. وفي أعلى الصفحات نظم مثلثات قطرب. أما في مكتبتي الإلكترونية فعندي كتاب «بدائع البدائه» لجمال الدين الخزرجي، و»الأجوبة المسكتة» لابن أبي عون، و»الشعور بالعُور» لصلاح الدين الصفدي، وكتاب «الطبيخ» لمحمد بن الحسن البغدادي، و»الفلاكة والمفلكون» لشهاب الدين الدلجي، ومجلة «الزهور» فترة صدورها من 1910- 1913م. * كيف نحكم على كتاب بالطرافة؟ * تأتي طرافة الكتاب من موضوعه إذا تناول موضوعاً غير مطروق، حتى ولو كان جمعاً مثل كتاب «الفلاكة والمفلكون» وكتاب «بدائع البدائه» أو عندما يريح بتأليفه الباحث فيضع بين يديه ما يحتاج إليه في فن من الفنون، ومن ذلك معاجم البلدان والأعلام، وأحيانا تأتي طرافة الكتاب من تصميمه كما في كتاب «عنوان الشرف الوافي» الذي تقدم الحديث عن وصفه. * ما أطرف المواقف التي حصلت لك في البحث عن الكُتب؟ * من أطرف ما مر بي وأنا أبحث في إحدى المكتبات العامة أن وجدت كتاب «عبث الوليد» في قسم التربية وعلم النفس، وهو كتاب معروف ألفه أبو العلاء المعري في نقد شعر البحتري الوليد بن عبادة. ومن الطريف أيضاً أنني فكرت في جمع الأبيات الشعرية التي ضمنها قائلوها مصطلحات النحو، لما وجدت شيوعها عند شعراء العصر المملوكي خاصة، فوجدت كتاباً مؤلفاً في الغرض نفسه عنوانه «أعراف النحو في الشعر العربي» للدكتور عبد الهادي الفضلي. * ما أبرز الكُتب التي تحرص على قراءتها بما أنك مُهتم بالكُتب؟ * لي غرام خاص بالبحث الأدبي، وحين أحقق في مسألة ما أجدني مضطراً أن أنتقل من كتاب لآخر، وأحياناً أنتقل من باب الأدب إلى الفقه أو التاريخ أو فهارس الأعلام، وأجدني في حاجة للترويح أحياناً فأقرأ الروايات، والشعر العربي القديم، كما أني أعطي أولوية لما يهدى إليّ من الأصدقاء، فأقرأ الكتاب المهدى أياً كان موضوعه. حينما أريد القراءة من كتاب موجود في مكتبتي أبحث عنه في الشبكة العنكبوتية، فإن وجدته حمّلته، وقرأته إلكترونياً من حاسب آلي مكتبي ذي شاشة كبيرة، فأقرأ وأطبع ما أحتاج من صفحات، وأصور ما أحتاج من فقرات. * هل مكتبتك متخصصة أو متنوّعة؟ * مكتبتي منوّعة، فتجد كتاباً في كل فن، لكن الأدب واللغة يستأثران بالقسم الأكبر. * ما القراءة بنظرك؟ * القراءة جناحان يحلّقان بك حيث شئت زماناً ومكاناً، ولا أجد من استوفى مميزات الكتاب كالجاحظ حين قال: «الكتاب نعم الذخر والعقدة، ونعم الأنيس ساعة الوحدة، ونعم القرين والدخيل والوزير والنزيل. والكتاب وعاء ملئ علما، وظرف حشي ظرفا، وبستان يحمل في ردن، وروضة تقلب في حجر، ينطق عن الموتى، ويترجم كلام الأحياء، ولا أعلم جارا أبر، ولا خليطا أنصف، ولا رفيقا أطوع، ولا معلما أخضع، ولا صاحبا أظهر كفاية، وأقل جناية، ولا أقل إملالاً وإبراماً». * ما رسالتُك التي توجِّهها لكلِّ من يملك مكتبة خاصَّة به؟ * ليكن حرصك على القراءة أكثر من حرصك على الاقتناء. تواجد مستمر للضيف بالمكتبة مجلة «العربي» الكويتية وتحتوي استطلاعات عن المملكة عام 1960م «الكتاتيب النسائية» للمجيول ديوان «ابن مشرف» العام 1355ه كتاب «العقد الثمين» من شعر محمد بن عثيمين كتاب «ابن باز» للبراك كتاب «الدرعية» لعبدالله بن خميس العام 1982م كتاب «الشرف الوافي» كتاب «المفضليات» كتاب «لمحات من تاريخ العالم» العام 1957م كتاب «توحيد وتهذيب» مقرر الثالث ثانوي العام 1966م مجلة «الأديب» العام 1972م كتاب «تأملات في الأدب والحياة» مجلة «البيان» العام 1937م