الذي يضخم قدراته ومواهبه يصاب غالبًا بإحساس الاضطهاد حتى يتحول هذا الإحساس إلى عقدة وإحباط، ثم عجز وندب واكتئاب.. عقدة الاضطهاد يزيدها إحكاماً على رقبته ذلك. الذي يرى في نفسه من القدرات أضعاف ما فيها، ويعتقد أنّ له استحقاقًا في المال أو المنصب والجاه أو الزواج أو الإبداع العلمي أو الأدبي والفني أكثر من استحقاق المتفوقين عليه، ويظن أنه الأحق بالتقدم الوظيفي أو الدراسي من غيره لولا ظلم مدير أو مدرس، مع أنه -في الواقع- لا يمتلك قدرات المتفوقين عليه، ولا مواهبهم ولا مثابرتهم وكفاحهم، ومع ذلك يهتم بهم ويقارن حظه بحظهم، ويطيل المقارنة والتفكير فيهم، فهذا يصاب، فوق مرارة الاضطهاد، بالغيرة المرضية وربما بالحسد الأسود الذي لا يخلّف له إلا الحسرات. من أصدق الحِكم وأقدمها مقولة «اعرف نفسك»، ونضيف لها «تقبّل ذاتك»، ثم «اعمل على تطويرها بمحبة» وتقبل الواقع والنتائج، بعد بذل الجهد، بلا مقارنات مع الآخرين أو حتى مجرد اهتمام بهم، حياتك لك وحدك وتستطيع تحسينها بالكفاح الراضي الباسم وبتطوير الذات. الأساس هو العمل بتمييز واجتهاد مع الرضا بما قسم الله تبارك وتعالى، من رضي فله الرضا، ومن سخط فإنما يسخط على نفسه. عقدة الاضطهاد منتشرة في هذا الزمان، وعلاجها الإيمان العميق بالله العلي العظيم وبقضائه وقدره، ثم العمل الجاد والمزيد من طلب المعرفة والعلم واستقصاء الجهد، ثم الرضا التام بالنتائج، فلا يُلام المرء بعد اجتهاده: «على المرء أن يسعى إلى الخير جهدهُ * وليس عليه أن تتم المطالبُ».