لا توجد طريقة واحدة لتحقيق النجاح الأدبي، فلكل كاتب طقوسه الكتابية، وهذه الطقوس تكون سبباً في نجاحه، فيما يعجز البعض في إيجاد وقت يومي للكتابة، أو فضاء مناسب ليعيش خلوته مع كائنه اللغوي المحبّب. بالنسبة للكتّاب الغربيين الذين صنعوا نجوميتهم الأدبية بالتزامهم الجاد مع الكتابة، نستغرب مثلاً كيف يكتب ستيفن كينغ عشر صفحات يومياً، دون أن يأخذ يوم عطلة، يذكر هذه المعلومة القيّمة في كتابه "الكتابة - مذكّرات حِرفة" وبدون أدنى شك فقد صنعت غزارة الإنتاج نتائج مذهلة بالنسبة له، وجذبت إليه قرّاء بالملايين في كل العالم. أمّا فليب روث الذي يعتبر أحد أعظم الكتّاب الأمريكيين فقد كتب دائماً واقفاً، فيما بين فقرة وفقرة يمشي ليفكّر، ويقول إنه يمشي نصف ميل تقريباً مقابل كل صفحة يكتبها. ولتتضح الصورة للقارئ فإن الميل الواحد يساوي تقريبا 1,6 كيلومتر. هذا ليس كل شيء فروث يعزل نفسه تماماً عن النّاس وعن أي شيء قد يلهيه عن الكتابة لهذا فمكتب الكتابة بدون نوافذ، وبعيد عن بيته. ومثله تقريباً كان يفعل فلاديمير نابوكوف، يكتب واقفاً، ويجمع أفكاره على بطاقات، قبل أن يتفرّغ لتحريرها، بعض رواياته تطلّب 2000 بطاقة. على عكس روث، ونابوكوف كان الكاتب الأمريكي ترومان غارسيا كابوتي يكتب في السرير أو مستلقياً على أريكته ومعه سيجارة وقهوة على مدار ساعات كان الشاي يتبع القهوة، دون ملل أو كلل، يكتب مسودّاته بقلم الرصاص، قبل أن يرقنها بآلته الكاتبة وهو لا يزال في وضعيته تلك، حتى سمي ب"الكاتب الأفقي". أمّا الشهير إرنست همنغواي فمعدّل نتاجه اليومي 500 كلمة، يكتبها باكراً جداً، لتجنّب الحر، وضوضاء الخارج، فقد كانت فترة الصباح الباكر مناسبة تماماً له ليكتب مستفيداً من يقظته وصفاء أفكاره، وهذا من أغرب ما عُرِف عنه فرغم إدمانه على الكحول إلاّ أنه لم يكتب أبداً وهو مخمور. سقف الكتابة قد يكون محبطاً لبعض الكُتّاب إن لم يبلغوا رقماً جيداً من الكلمات يفوق الأربعمائة كلمة، لكن بالنسبة لجيمس جويس كان الأمر مختلفاً تماماً، إذ يُحكى عنه أنه التقى أحد أصدقائه ذات يوم وسأله هذا الأخير عمّا إذا كان يوم كتابته جيداً؟ فردّ جويس بنعم ووجهه ينضح بسعادة بالغة، في ذلك اليوم كان قد كتب ثلاث جمل فقط لا غير. الكاتبة جويس كارول أوتس (84) سنة لم تستطع أبداً أن تتخلّى عن قلمها وأوراقها، ولم تتعلّم استعمال الآلة الكاتبة أو الكمبيوتر. ظلّت وفية لعاداتها الكتابية، تستيقظ باكراً وتبدأ بالكتابة حتى تتعب فتتناول فطور الصباح الذي قد تتناوله في الثالثة أو الرابعة بعد الظهر، إذ كان مستحيلاً أن تكتب بعد أن تتناول الطعام. وكما ترون الروتين لا يقتل الموهبة بل قد يكون سراً من أسرار النجاح.