تولي المملكة العربية السعودية وكافة دول مجلس التعاون الخليجي اهتماماً كبيراً باليمن، وحرصاً خليجياً مشتركاً على الحفاظ على استقرار وأمن ورخاء الشعب اليمني، وتعزيز علاقات مجلس التعاون مع الجمهورية اليمنية على كافة المجالات الاقتصادية والخدمية والأمنية. وعكست الرعاية التي تبنتها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، للمشاورات اليمنية - اليمنية المُنعقدة في مطلع إبريل الماضي، توجهاً خليجياً موحداً لإنقاذ اليمن من الفوضى الإيرانية، والسعي لإخراجه منها، ودعم الأطراف اليمنية للخروج بصيغة توافقية تبلورت بتشكل مجلس القيادة الرئاسي والتوافق على شخصية د. رشاد العليمي رئيساً للمجلس، وعضوية سبعة آخرين، يمثلون كافة المكونات والقوى اليمنية، باستثناء ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران التي فوتت فرصة جديدة للسلام برفضها تلبية دعوة مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في المشاورات. وفور تشكيله في أبريل الماضي، سارع مجلس القيادة الرئاسي في تدشين أعماله ومهامه باتخاذ سلسة من الخطوات الشجاعة نحو تعزيز الأمن والاستقرار وتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية للشعب اليمني، وتعاطى بإيجابية مع مقترحات ومبادرات الخليج والأممالمتحدة، وبادر في إعلان موافقته على تمديد الهدنة السارية برعاية الأممالمتحدة في اليمن لمدة شهرين إضافيين، برعاية أممية، ومساندة خليجية. واستوفى مجلس القيادة الرئاسي، تنفيذ كافة تعهدات الهدنة إنسانيا وعسكريا، وسمح بوصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، والتي بلغت عائداتها خلال أول شهرين من الهدنة، أكثر من تسعة مليار ريال يمني، كما سهل المجلس فتح مطار صنعاء الدولي، وقدم تنازلات مهمة بشأن اعتماد جوازات سفر صادرة من المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيا، واستمر في إبداء التزامه الكامل بقرار وقف إطلاق النار الشامل رغم الخروقات المتكررة من جانب الميليشيات. ويمضي مجلس القيادة الرئاسي ورئيسه العليمي، في تحركاته السياسية والاقتصادية والإنسانية، بدعم ومساندة سياسية واقتصادية من دول مجلس التعاون الخليجي، وبادرت المملكة والإمارات بالإعلان عن تقديم ثلاثة مليار دولار وديعة لدعم البنك المركزي اليمني مطلع إبريل المنصرم. وقد دشن العليمي، تحركاته الخارجية بجولته الأولى، وشملت زيارته للمملكة والإمارات في مطلع مايو الماضي، كما بدأ الاثنين الماضي، جولته الخارجية الثانية، وكانت وجهته دول خليجية، شملت الكويت والبحرين، إضافة إلى جمهورية مصر، ومن المتوقع أن يتجه إلى دولة قطر خلال اليومين القادمين بحسب وكالة أنباء الحكومة اليمنية (سبأ). وأوضح العليمي في لقاءاته بالمسؤولين الخليجيين "إنه ومجلس القيادة عازمون على تعزيز حضور السلطات والعمل من الداخل اليمني، وتطبيع الأوضاع بدعم سخي من تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية". وتشير الجولة الخارجية لرئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، إلى أن اليمن تراهن على أن دول مجلس التعاون تلعب دوراً محورياً في إنقاذه من العنف والفوضى الإيرانية، باعتبار اليمن جزءا لا يتجزأ من الجزيرة العربية، ومنظومة الأمن الإقليمي لدول الخليج. ووجدت هذه الزيارات اهتماماً بالغاً ودعماً كبيراً من دول مجلس التعاون الخليجي الذي أكد العديد من المسؤولين فيها، على سعي خليجي مشترك ليكون اليمن ضمن المنظومة الخليجية، لينعم شعبه بالأمن والرخاء. وسبق أن وافق المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، على انضمام الجمهورية اليمنية إلى عشر من المنظمات المتخصصة العاملة في إطار مجلس التعاون، وتشمل مكتب التربية العربي لدول الخليج العربي ومجلس وزراء الصحة، ومجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية لدول مجلس التعاون، ودورة كأس الخليج العربي لكرة القدم، ومنظمة الخليج للاستشارات الصناعية، إضافة إلى هيئة التقييس لدول مجلس التعاون، وهيئة المحاسبة والمراجعة لدول المجلس، وجهاز تلفزيون الخليج، ولجنة رؤساء البريد في مجلس التعاون، ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك. كما أقرّ المجلس الوزاري في وقت سابق، افتتاح مكتب في اليمن تابع للأمانة العامة لمجلس التعاون، وتم رفع مستوى تمثيل المكتب إلى بعثة دبلوماسية كاملة، ومن أبرز مهامه متابعة تنفيذ خارطة العملية الانتقالية ممثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومتابعة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى والمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، واللجان العاملة في إطار مجلس التعاون فيما يتعلق بأوجه التعاون مع اليمن. وبالتوازي مع مساعي دول مجلس التعاون الخليجي لدمج اليمن في المنظومة الخليجية، ووقوفها إلى جانب الشعب اليمني، وتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والاقتصادي والخدمي والإنساني، وتعزيز جهودها الدبلوماسية بالتعاون مع الأممالمتحدة لإيقاف الحرب الانقلابية المدعومة إيرانياً، وإنهاء معاناة الشعب اليمن، وتبنت دول مجلس التعاون موقفاً موحداً ومتماسكاً تجاه الملف اليمني والتهديدات الإيرانية والحوثية، وتجلى الموقف الخليجي في البيانات الختامية الصادرة عن المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في دورتيه الحادية والأربعين والثانية والأربعين، إذ أعرب "عن رفضه التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وإدانته لجميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران، في انتهاك واضح للأعراف والقيم الدولية وتهديد الأمن الإقليمي والدولي، مؤكداً على ضرورة الكف والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات، وإيقاف دعم وتمويل وتسليح الميليشيات الطائفية والتنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تزويدها بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار لاستهداف المدنيين، وتهديد خطوط الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي". كما أكد المجلس الأعلى على مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة بشأن دعم الشرعية في اليمن لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي، وفقاً للمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، بما يحفظ لليمن وحدته وسلامته واحترام سيادته واستقلاله ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية.