سنّ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسسِ المملكة العربية السعودية -رحمة الله عليه- سنة فتح المجالس، وسارت هذه السنة الحسنة على يد أبنائه الملوك والأمراء، وقد أُثِرَ عنه -طيب الله ثراه- قوله: "سعودية"، وذلك لإبطال عادة قيام المرء من المأدبة قبل أن يستوفي الجميع حاجتهم من الطعامِ؛ إذ كان في السابق حينما يقومُ رجلٌ من المأدبة؛ يقومون، ومنهم من هو ما زال في حاجة إلى المأكل والمشرب. ومن هنا فُتحت المجالس، وأصبحت عادةً مُتّبعة، وغالبًا ما تكونُ أسبوعية؛ يجتمعُ فيها العلماء والوجهاء وأهل الرأي يتناولون فيها أهم القضايا حديث الساعة. فمنذُ أسبوع كنا في مجلس صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وكان الحديث عن عددٍ من الموضوعات المتعلقة بالمنطقة وسبل تعزيز التعاون بين رجالاتها ومؤسساتها ودعم الرؤى والأفكار. ومن مثل هذه المجالس، اُستنبطت واُستنبتت واُستنسخت مجالس، اهتمّ أصحابها بأن يكون الحديثُ فيها عن الاقتصاد والمال والأنشطة ذات النفع، وما يعودُ خيرهُ على البلاد والعباد، ويرتاد هذه المجالس عُلماء في شتّى فنون العلم. من تلكم المجالس؛ مجلس الشيخ الوجيه سليمان بن عبدالقادر المهيدب، إذ يُفتح هذا المجلس أسبوعيًا وغالبًا ما يَتحدثُ فيه أحد المتخصصين في مجالٍ علميّ، وقد التقينا منذُ أيّام بهذا المجلس المبارك الأخ الأستاذ الدكتور سعود بن محمد المهيدب، والحاصل على الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي ومؤسس ومشرف أكاديمية الروبوت، التي تهتم بتمكين المتدربين من استخدام أحدث تقنيات التصميم وبرمجة الروبوت من قبل مدربين مهرة وتجهيزات متطورة. ومثل هذا العلم والحديث عنه يهم البلد وأبناءه، وستكون المملكة لها قصب السبق في هذا المجال في غضون السنوات المقبلة -بإذن الله-، والذكاء الاصطناعي هو إحدى أذرع الرؤية الوطنية للمملكة العربية السعودية 2030، والتي منه ستنطلق -بإذن الله- الآفاق العريضة، وكلما أُتيحت لي فرصة لزيارة الوجيه الشيخ سليمان المهيدب أخرج كغيري من المجتمعين بفائدةٍ أو معلومةٍ قد لا تتيسّر بسهولة. ومن تلكم المجالس الخيرة؛ مجلس أخويه عبدالحميد وعماد في محافظتي جدةوالخبر. ومن تلكم المجالس ذائعة الصيت، مجلس الوجيه الشيخ محمد بن أحمد الفوزان بالرياض ومجلس أخيه عبداللطيف في محافظة الخبر، ومجلسهما في محافظة الزلفي، والأخيرُ غالبًا ما يكون لاستضافةِ ضيوف المحافظة. ومن تلكم المجالس، مجلس الحسين إخوان، وهو مجلس الشيخ الوجيه زيد بن سلطان الحسين وإخوانه في الرياض، وهو ملتقى للعلماء في مختلف العلوم؛ سواءً الاقتصادية أو الاجتماعية أو الصحية، ويكون الحديثُ فيها ذا أثرٍ على المجتمعين. ومن تلكم المجالس أيضًا، مجلس معالي الشيخ الوالد سليمان بن عثمان الفالح، والذي اُفتتح عام 1379ه، ولا يزال ولله الحمد والمنّة على مصراعيه، وقد أُقيم هذا المجلس بتأثيرٍ من المجالس التي كانت في ذلك الوقت؛ حيثُ تُفتتح ويرتادها أصحاب الحاجات. ومن أمثلة المجالس الخيّرة؛ مجلس الأخ الوجيه الشيخ عبدالعزيز بن علي الشويعر، ومجلس معالي الشيخ عبدالعزيز بن علي التويجري، ومجلس الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم العمري، ومجلس الوجيه الأستاذ الدكتور محمد بن عمر العرنوس. هذه بلادنا وهذه مجالسها؛ حيثُ جاءت هذه المجالس نابعة ومستوحاة من مجالس ولاة أمر بلادنا المملكة العربية السعودية، حيثُ يرددُ ولاة الأمر دائمًا وأبدًا أن بيوتنا ومجالسنا مفتوحة مُشرعة الأبواب لكل المواطنين والمقيمين، فأصبح المواطن يلتقي بولي الأمر متى شاء وكيفما شاء. فالحمد لله على ما أسبغ على بلادنا من مآثر وفضائل سُنّت منذ التأسيس على يد المغفور له طيّب الله ثراه الملك عبدالعزيز وسار على نهجه ومسيرته أبناؤه وأحفاده من بعده. ففي هذه المجالس؛ تُقضى الحاجات ويُتناوَلُ فيها كل ما من شأنه الفائدة والاستفادة. أدامَ الله على بلادنا وأهلها الخيرَ، وأفاءَ عليهم من واسعِ فضله. وقلّما تجدُ مثل هذه المجالس؛ إلا في بلادنا أعزّها الله، وما كانت لتكون لولا فضل الله على هذه البلاد والسنن الحميدة التي سنّها ولاة أمرها غفر الله لميتهم وحفظ الله حيهم. فتلكم المجالس نماذج خيّرة وما أكثرها في بلادنا، مُلتقى لكل ما هو خيّر ونافع، يدورُ الحديثُ فيها عن كل مستجد من مستجدات العلم في شتّى مناحيه، وهذه من العادات والقيَم والمروءات التي دأب عليها ولاة أمر بلادنا المملكة العربية السعودية وأبناؤها.