بعد أزمة طلب وزارة العدل الجزائرية سحب الصفة النيابية من أحد النواب بسبب عمله في إحدى الوحدات بالجيش الفرنسي في سنوات سابقة، وما تبعها من أزمة أخرى تتعلق بوجود 66 نائبا في حالات تنافي العهدة النيابية يبدو أن هذه الأزمة تتجه نحو الحل بتنازل عدد من النواب عن سجلاتهم التجارية. وكان رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) قد أخطر 66 نائبا بوجودهم في حالات تنافي العهدة النيابية، بعدما حصلت السلطات على وثائق من السجلات التجارية تثبت استمرار قيدهم في سجلات تخص أنشطة اقتصادية وشركات ومحال تجارية، ما يهدد بفقدانهم مناصبهم في حال عدم تسوية أوضاعهم. وينص الدستور الجزائري على أنه يُمنعُ الجمع بين العهدة النيابية وأي مهام أو وظائف أو ارتباطات أخرى ذات طابع ربحي، ويلزِمُ النائب بضرورة التفرغ الكامل للعمل البرلماني. وأفاد مصدر إعلامي بأن 7 نواب معنيين بحالات التنافي أبلغوا مكتب المجلس بالتنازل عن سجلاتهم التجارية التي كانت سببا في إدراجهم ضمن قائمة النواب المهددين بالطرد، منهم نواب رئيس ورؤساء كتل، وهم الذين وجدوا أنفسهم مخيرين ما بين الحفاظ على الصفة النيابية أو التخلي عنها، خصوصا وأن الأصداء الواردة من رئاسة المجلس أبانت عن تمسك رئيس المجلس بهذا الملف، حسب ذات المصدر. وشرع النواب السبعة بالمجلس الشعبي الوطني المعنيون بحالات التنافي في التنازل عن سجلاتهم التجارية، خوفا من انقضاء الآجال القانونية وفقدانهم للعضوية النيابية. وأضاف المصدر ذاته بأن رؤساء الكتل البرلمانية وجهوا رسالة مفتوحة لرئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، قدموا خلالها قراءتهم القانونية للحالات المعنية بالتنافي مع العهدة التشريعية، ففيما يخص حالة التنافي المرتبطة بشغل البرلماني وظيفة أو منصبا في مؤسسة أو شركة أو تجمع تجاري أو مالي أو صناعي، اعتبروا أن تنافي العضوية بالبرلمان مع شغل المنصب أو الوظيفة بسبب وجود الشريك التجاري لا تتعارض مع العهدة النيابية، لأن العضو لا يكتسب صفة التجار، طالما أنه ليس مسيرا، وهو ما ينص عليه القانون التجاري، على حد تعبيرهم. كما أشاروا إلى أن الطبيعة القانونية لصفة الشريك في الشركة لا تجعله موظفا أو عاملا أو مسيرا، ولا يخضع للقوانين الناظمة لعلاقات العمل، وهي القضية التي أثارت جدلا بالمجلس الشعبي الوطني بسبب الشريك التجاري، قائلين إن إدراجه ضمن الحالات المعنية بالتنافي مع العهدة التشريعية يعد خرقا للقانون. وكشف المصدر بأن رؤساء الكتل البرلمانية حمَّلوا مكتب المجلس الشعبي الوطني المسؤولية القانونية إزاء ملف التنافي، داعين إلى عقد لقاء استعجالي بعد رمضان، لبحث هذا الملف وإعطائه صفة الشرعية - حسبهم- ، معتبرين أن الإخطارات الموجهة للنواب كانت شفوية وليست محددة بمدة قانونية واضحة، كما أن الحالات المعنية بملف التنافي متضاربة. أزمة سابقة وكانت وزارة العدل قد راسلت، قبل أقل من أسبوعين، المجلسَ الشعبي الوطني وطلبت منه سحب الصفة النيابية من النائب "محمد بخضرة" المُنتخب في يونيو 2021 عن حزب الجبهة الوطنية الجزائرية والمُمَثّل للجالية الجزائريةجنوبفرنسا، ويعود طلب سحب الصفة النيابية، وفق ما أوردته إحدى الصحف المحلية، لخدمة النائب المعني في إحدى الوحدات بالجيش الفرنسي بصفة ممرض بين سنتي 2002 و 2005 وأدى مهامًا خارج الأراضي الفرنسية. وعقب هذا الطلب، أصدر رئيس المجلس الشعبي الوطني تعليمةً منع بِمُوجبها النائب، بخضرة محمد، من دخول مبنى البرلمان، لتستمع بعد ذلك اللجنة القانونية، الموكل لها استقبال آراء النواب بخصوص حالات رفع الحصانة والتنافي، إلى توضيح من النائب عبر اتصال مرئي عن بعد، حيث أكد النائب أنه يرفض إجراءات رفع الحصانة عنه. ويفرض النظام الداخلي للبرلمان على لجنة الشؤون القانونية إبلاغُ النائب بطلب سحب الصفة النيابية وإسقاط عضويته في البرلمان، وتخيره بين التنازل الطوعي أو عرض القرار في جلسةٍ عامة للاقتراع السري من قبل أغلبية النواب. هذا ويجرّم القانون الجزائري التحاق المواطنين الجزائريين بالتنظيمات المسلحة خارج البلاد نظامية كانت أو غير نظامية، وينص على عقوبات في حال ثبوت التهمة.