كنوز اليمامة سلسلة تصدر عن مؤسسة اليمامة الصحفية، وقد صدر كنزها الثامن تحت وسم مأثورات شعبية، وتتضمن ما نشر في الرياض الأسبوعي قبل ما يقرب من حوالي 40 سنة في صفحة مأثورات شعبية، ومن ضمن ما نشر فيها وتحديداً بتاريخ الجمعة 16 رجب 1403ه أبريل 1983م موضوع تحت عنوان أبيات للشاعر سلطان الجلعود، كتبه عبدالرحمن بن زيد السويداء حيث قال: في هذه العجالة سأستعرض أبياتاً من قصيدة للمرحوم الشاعر سلطان بن عبد الله الجلعود المتوفى عام 1373 ه. وكان - رحمه الله - من سكان الروضة حائل، وهدفي هو إبراز ما في هذه الأبيات التي لم تنشر من قبل من المعاني العميقة والصور الدقيقة المعبرة والخلجات الصادقة والنبضات الحية ليتذوقها القارئ ويدرك عمق معناها: 1) لياجاك هتاش الشتا تقل مصقور من البرد كنه تسحله سربتينا ليا إذا، هتاش هو من يضوي بعد أن يهجع الناس مصقور مستكين خائف كيفات الطير حينما ترى الصقر كنه كأنه تسحله: السحل هو العرك بقوة وهي هنا تعني الطرد. رسم الشاعر بريشته الفنية صورة بائسة لأولئك المسافرين الذين أووا إلى مضيفهم بعد أن هجع الناس وقد استنفدوا ما معهم من المؤونة فهم في هذه الحالة منهكو القوى يتوقعون بيات الطوى بعد أن هدهم طول السرى وكثرة الأثقال على مطاياهم فجاؤوا بلهثون بسرعة الطيور حينما تطاردها الصقور أو فلول الأعداء التي تطردها أسراب من الخيل. 2) لياهبت الغربي على راكب الكور دارت شال وهم لها ناطحينا شداد المطية ناطحين مستقبلين، يلون الشاعر تلك الصورة الشاحبة لهؤلاء الركب الذين كانت تعصف بهم لفحات الهواء الغربية الصلفة وما هي إلا فترة يسيرة حتى استدار الهواء من بارد إلى أبرد فأصبح شمالياً قارساً يجمد الدم في العروق والمخ في العظام. 3) زهابهم قاض عليهم لهم دور وغير الجني ماذاق وا الركب شينا الزهاب الزاد قاض (قاضي) نافد دور أسبوع الجني ما يجنى في فصل الربيع من عشب الأرض مثل حوا البقير، والحماض واليهق، والذعلوق وغيرها، شين شيء. يكمل الشاعر تلوين هذه الصورة بألوان معبرة تلك التي تبين أن هؤلاء الركب نفد ما معهم من المتاع منذ أسبوع ولم تطرق شفاههم سوى تلك الأعشاب المنتقاة من عشب الأرض يسدون بها رمقهم ويقومون بها أصلابهم. 4) قل الكلام ولا بقى بينهم شور وتنحروا اللي لهم مكرمينا قل الكلام اتفقوا تنحروا قصدوا، يكمل الشاعر هذه الصورة باعتزام هؤلاء الركب بعد أن تداولوا الرأي بينهم على أن يقصدوا من يتوقعون منه التقدير والإكرام. 5) حطوا حط خلوا سنا النار مزعور ليا استانسوا قالوا هذا اللي هقينا حط وضع مزعور ملتهب هقينا، توقعنا ينتقل الشاعر إلى مسحة من التفاؤل تضيء الصورة بإشراقة كاشفة مع ضوء السنة اللهب التي أوصى الشاعر خادمه أن يضعها على النار ليدفئ ضيوفه المقرورين، ومع هذه الإشراقة ترى الوجوه قد تغيرت وكساها البشر مع الطمأنينة والدفء وارتشاف القهوة وقرب حضور الزاد، عند ذلك قال الركب بلسان واحد منهم: هذا ما كنا نأمل ونتوقع عندما قصدنا هذا الجواد الكريم. 6) المال ما يدفن مع الميت مقبور ولا ينفد الاموال مد اليدينا ينادي الشاعر بأعلى صوته أولئك البخلاء الذين يضنون على المحتاجين والضيوف وعابري السبيل قائلاً لهم: إنكم لن تصطحبوا معكم في قبوركم هذا المال الذي تجمعونه وتبخلون بجزء منه على غيركم إن المال لن يدفن مع صاحبه وسيذهب الجامع لوحده ملفوفاً بقطعة من القماش الرخيص، ويؤكد الشاعر أن الأموال لا ينفدها البذل المعقول في طرق الخير بل على العكس من ذلك سينميها ويكسب صاحبها الذكر الطيب والثناء العطر. الجمة 16 رجب 1403ه 29 ابريل 1983م