المثل (روضة خريم من جاها فلّى) ذكره بهذه العبارة الأديب عبدالكريم الجهيمان - رحمه الله - في كتابه الأمثال الشعبية في قلب الجزيرة العربية, غير أن الخرائط الطبوغرافية والمصادر الرسمية مثل أطلس المملكة الصادر عن وزارة التعليم العالي لا تسمي خريم (روضة) وإنما (فيضة), وهي مكان يبعد عن الرياض بنحو 100 كم معروف بكثافة الغطاء النباتي من الأشجار الدائمة كالطلح والسدر والعديد من الأعشاب الحولية سواء الرعوية كالسَّعْدان والرّبل, أو المأكولة كالقرقاص والذُّعْلُوق واليَهَق, أو الأعشاب ذات الزهر الجميل والرائحة العطرية والتي تعرف في مصادر التراث العربي بأحرار البقول كالنَّفَل والحَرْف والبَابُونَج, وغيرها من تلك التي تنبت في فصلي الشتاء والربيع. ويصب في خريم شعاب توفر لها كمية هائلة من مياه السيول المحملة بالطمي والبذور, علاوة على أنها محمية فتغدو الفيضة في فصل الربيع خصبة ذات غطاء نباتي كثيف جداً (الصورة). أما فَلَّى فعامية, فإذا قيل فَلّت الأغنام ومفلية فالمعنى أنها ترعى وترتع بالمكان, والمَفْلَى مكان رعي الماشية, لكن الكلمة تستخدم أحيانا في أحاديث العوام للإشارة إلى الراحة والاطمئنان للمكان. يضرب المثل لخصب المرعي وطيب المكان يغري العابر بالتوقف عنده للاستمتاع أو الاستفادة منه. الفرق بين الرَّوْضة والفَيْضَة والخَبْراء والبَرْبَك والغَدِير عند الحديث عن أماكن الرعي والنزهات والرحلات البرية ووصفها تتردد كلمات روضة وفيضة وخبراء وبربك. وفي عرف كثيرين لا يوجد فوارق كبيرة بين بعضها, خاصة عند النظر إلى مدلولها الجغرافي, ذلك أن بعض الأماكن يمكن أن تشترك في أكثر من وصف. فالرَّوْضة هي المنخفض الطبيعي من الأرض الذي يَسْتَنْقِع فيه الماء، أي يروض ويحير فيه, فتنبت أنواع من الأعشاب وتبقى خضراء لا تذبل لفترة أطول مما في الأرض التي تعلوها, ومما جاء في مصادر التراث العربي أن أرض الصمان في البادية أماكن يسْتَرِيض فيها ماء السماء، فتنبت ضروبا من العشب لا يسرع إليها الذُّبُول. ويمكن أن تجمع الروضة على رَوْضات أو رياض أو رَوْض. أما الفَيْضَة فهي مستقر الماء في الأرض عندما تمتلئ ويفيض الزائد من سيلها إلى ما حولها, ويطلق اسم الفيضة أيضاً على الوادي عند إشرافه على الفيضة, وعادة تكون الفيضة أكبر مساحة من الروضة, ويمكن أن يوجد في وسطها روضة أو رياض. أما الخَبْراء فجاءت من الخَبْر, وهو شجر السِّدْر والأراك وما حولهما من العشب, وهي قاع (أرض طينية) منخفض مستدير يجتمع فيه الماء, ويُنبت السدر، والجمع خَبَارَى وخَبَارِي. أما الغَدِير فهو مستنقع من ماء المطر، صغر أو كبر يدوم مدة طويلة نسبيا غير أنه لا يبقى إلى القيظ. أما البَرْبَك فجاءت التسمية من البركة, ويقصد بها الحوض الصغير الذي يأتي على شكل حفرة في الأرض, ويكون عادة في وسط الخباري, سواء وجد بشكل طبيعي أو حُفر للاستفادة من بقاء الماء فيه. الصورتان: الأولى لمتنزهين في فيضة خريم. والأخرى لإحدى خباري الصمان (فلّت) فيها الماشية في أول إنبات العشب قبل مرحلة الإزهار وتكاثر البذور, وهذا من الأخطاء التي تؤدي إلى تقليل نسبة البذور في التربة ثم انحسار الغطاء النباتي تدريجيا في المرعى.