كم من مرة هرعت إلى شخص محب لك وهمست له ناصحا، وكانت ردة الفعل منه عنيفة وغير متوقعة، وعندها عزمت على تبني فكرة أن «النصيحة فضيحة»؟ وهنا تريث يا ابن آدم، فهذا يتعارض مع قوله عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة»، فليس الخلل في النصح وإنما في طريقته، فالبشر طباع وشخصيات، فمنهم من يحب المباشرة في النصح وهو على المنهج العمري «رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي»، ومنهم من يحب النصح بالإيحاء والإيماء دون المباشرة، وأنت أعلم لمن تنصح، وهذا فن جميل عليك أن تتقنه، فأنا أعلم أنك تتقطع ألمًا وحسرة عندما ترى عزيزك وحبيبك ضائعاً بين دهاليز الخطأ ولا يعرف جادة الصواب، لذلك يا عزيزي كن فطناً كيف تدخل للبشر، وكيف تكسب الثقة، فإبليس قال لأبوينا في الجنة: «إني لكما من الناصحين» واستطاع أن يدخلهما وأن يقنعهما بالأكل من الشجرة، وذلك لأنه عرف المداخل للإقناع، وكان له ما أراد. فانصح يا محب ولا تفضح، واهمس بالنصح ولا تجهر، وابحث عن مداخل الإنسان حتى لا تخسر نفسك وتخسر الآخرين، ولا تجعل إبليس -أعاذنا الله منه أفطن منا عندما تعامل مع أبوينا.