أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي تولى السلطات في البلاد منذ حوالي سبعة أشهر الأحد، حلّ المجلس الأعلى للقضاء الهيئة الدستورية المستقلة، معتبرا أنه يخدم اطرافا معينة بعيدا عن الصالح العام وأنه تم "التلاعب بملفات". وقال سعيّد في مقطع فيديو نشرته رئاسة الجمهورية، خلال زيارة الى مقر وزارة الداخلية: "ليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي". مشيرا إلى أن "هذا المجلس أصبحت تباع فيه المناصب، بل ويتم وضع الحركة القضائية "التعيينات فيه"، بناء على الولاءات". وأضاف سعيّد، الذي أعلن في 25 يوليو تعليق أعمال البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة، وتولي السلطات في البلاد، "سنعمل على وضع قانون أو مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء"، مؤكدا أن "أموالا وممتلكات تحصل عليها عدد من القضاة المليارات المليارات، هؤلاء مكانهم المكان الذي يقف فيه المتهمون". كما أكدت الرئاسة في بيان مصاحب لمقطع الفيديو، إن سعيّد شدّد "على حق التونسيين في معرفة الحقيقة، وعلى أن من أولى حقوقهم قضاء عادل يشرف على تسييره قضاة لا يطبقون إلا القانون". والمجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية، "ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية"، حسب الدستور، ومن بين صلاحياته اقتراح الإصلاحات الضرورية في مجال القضاء. ويتكون المجلس الذي أحدث في العام 2016، من 45 عضوا بين قضاة ومتخصصين في القانون. وكان سعيّد قرّر في خطوة أولى في 19 من يناير الفائت حذف المنح والامتيازات المالية لأعضاء المجلس. ويأتي قرار سعيّد بعد انتقادات شديدة وجهها للقضاء واثر تواتر دعوات بحل المجلس و"تطهير القضاء" من قبل انصاره. "التظاهر بكل حرية" ونظمت أمس الأحد، تظاهرة في ذكرى اغتيال المناضل السياسي اليساري شكري بلعيد، ودعا سعيّد انصاره إلى "التظاهر بكل حرية من دون الالتحام مع قوات الأمن". وكانت وزارة الداخلية ذكرت السبت، أنه يمنع التظاهر وذلك تطبيقا لقرار تم اتخاذه للحد من انتشار وباء كوفيد-19. ودعت إلى هذه التظاهرة نحو عشرين منظمة من بينها "الاتحاد العام التونسي للشغل"، و"الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين"، و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان". وفي السادس من فبراير 2013، اغتيل المعارض اليساري شكري بلعيد في تونس العاصمة. وتبنى إسلاميون متطرفون الاغتيال الذي أثارا أزمة سياسية انتهت بخروج حركة النهضة من الحكم، وإطلاق حوار وطني بين كافة المكوّنات السياسية وتم الاتفاق على تشكيل حكومة تكنوقراط أمنت وصول البلاد إلى انتخابات في 2014. ومنذ ذلك التاريخ فتح القضاء تحقيقا ولم يصدر أحكامه في القضية حتى اليوم. وقال سعيّد في هذا الصدد: " للأسف تم التلاعب بهذا الملف من قبل عدد من القضاة في النيابة والمحاكم". وغالبا ما يشير سعيّد في انتقاداته للقضاء إلى حزب النهضة غريمه السياسي، الذي يعتبر أن ما يقوم به الرئيس منذ 25 يوليو، "انقلاب" على الدستور وعلى الثورة. ويواجه سعيّد انتقادات من قبل حقوقيين وأحزاب سياسية، تتهمه بأنه يريد "وضع اليد" على سلك القضاء. وكان الرئيس التونسي علّق العمل بأجزاء من الدستور، وأعلن خارطة طريق سياسية في العام 2022، تبدأ باستشارة واستفتاء شعبي منتصف العام على ان تنتهي بانتخابات نيابية في ديسمبر القادم. وتعتبر تونس البلد الوحيد الناجي من تداعيات ما سمي "بالربيع العربي"، وأنها تسلك طريقا نحو الديموقراطية على عكس باقي الدول التي شهدت انتفاضات منذ العام 2021، وانتهت الى ديكتاتورية وفوضى.