الشعر أسلوب من أساليب التعبير له خصائصه وسماته التي ربما اشترك فيها مع غيره من الأساليب أو انفرد بها، يختلف عن النثر والنثر الجميل والحكم والأمثال، كما أن الغرض من ذلك الأسلوب مثل غيره وهو إيصال معنى محدد، ورسالة يفهمها المتلقي. كما أن من الشعر والنثر أيضاً ما يتيح للشاعر فرصة استعراض قدرته في مجال بلاغة القول وسعة الأفق الثقافي والبيان فتكون تلك الخصائص في حد ذاتها هدفاً أيضاً. فمن حيث إيصال الرسالة والمعنى قد يكتفي بعض الشعراء بنظم بيت واحد فقط أو قليل من الأبيات، وأيضاً قد يشرد من القصيدة بيت واحد وتنسى بقيتها لاستحواذه على الهدف ومراد المتلقي، فلا حاجة بعده لبقية القصيدة. لهذا تمر قصائد كثيرة على مسامعنا، أو نقرؤها منشورة، لكن يتميز من بين أبياتها بيت واحد من تلك القصيدة فهو الذي يستوقفنا، ويكون انتباهنا له يتغلب على غيره، وربما حفظناه دون استعداد للحفظ ولكنه فرض على الذاكرة معناه وأهمية ذلك المعنى بالنسبة لنا لحظة تلقيه. ولا أعني هنا بيت القصيد، فبيت القصيد قد يكون هو هذا الذي لفت الانتباه وقد يكون غيره فلكل قصيدة تقريباً بيت قصيد، ولكن لكل مستمع وقارئ للقصيدة بيت شعر يلفت انتباهه بسبب توافق مضامينه مع المشاعر في تلك اللحظة. كما أن الشاعر نفسه يرى في قصيدته بيتاً واحداً تجانست وتوافقت تراكيبه ومضامينه ومعانيه دون معاناة تذكر أثناء نظمه، ودون أن تعترضه معوقات أو دواعي التأخير في نظمه: كالمفردة والوزن والسبك والتجانس والمرونة والبلاغة.. إلخ. وعادة يكون مثل هذا البيت ولد مع بارقة القريحة لا يمتزج ولا يذوب بل يبقى بتميزه في معناه. هذه إذاً ظاهرة الكل يلاحظها في الشعر والقصائد، تستطيع أن نقول إنها صحية وأنها تعطي حالة من الرضا للشاعر وللمتلقي على حد سواء. يقول الشاعر محمد الدهيمي: وِدّنا نطلع على الناس مطلاع النهار لابسين من النوايا ثياب معيّدين شرهة الغالين لو أنها كبر الزرار كنها هرجة ملامة من الناس أجمعين ويقول الشاعر ساير النزال: لا صار مشيك هرولة عند الأجناب ليه تحبي في واجبات القرايب الواجبة سكّرت في وجهها الباب اخترت تبقى بالمواجيب غايب وفي رد من الشاعر حامد الشلال يقول: يا ساير النزال صم الصخر ذاب من قوة المعنى والقاف صايب أحد يجيب الطيب في مجلس أجناب وأحد يجيب المشكلة للقرايب ويقول الشاعر أحمد البلادي: عسى الله يجيب اللي تراكم تقول جبال ثعول المزون اللي تصحيك لجتها من البحر لين البحر وبّالها همال تمر الديار القفر وتغسل عجتها مطرها شديد ويقطع البث والإرسال لاجل نستريح من السياسة وصجتها يا زين الحيا ومتابع الطقس والأحوال تسج النفوس وراحة النفس سجتها ويقول الشاعر الهاب بدر: ترى ابن عمك لو تغيّر بالاطباع إليا تردى با الردى لا تجاريه لا تنهشه لا غاب لو كان ما طاع هذا لحمك ولو غلط لا تجازيه الذيب ما يأكل جنوبه إليا جاع ولا يأكل الحرجة لو الجوع حاديه يلقى عليك من الرياجيل مهزاع لا صار ابن عمك ودمك تعاديه ويقول الشاعر سعيد بن فارع: لا طاب فيني واحد من هل الطيب بذلت في رده جميع الوسايل أعد مردود الجمايل مواجيب ما أعد مردود الجمايل جمايل أحمد البلادي ساير النزال الشاعر محمد الدهيمي الهاب بدر سعيد بن فارع