كاتب النثر وناظم الشعر كلاهما يهتم بالبيان وبلاغة العبارات، والشاعر خاصة يهتم بالصور الفنية والمفردة الشعرية، هذا إذا كان يريد جذب المتلقي لشواطئ خياله ومشاعره وأحاسيسه. فالأخيلة في مضامين المنتج الشعري أو القصيدة أهم ما تبنى عليها، وأهم ما في نسيجها الظاهر والخفي وما بين السطور كما يقال. إنها تؤكد براعة الشاعر في النظم وفي نحت الصور المعبرة التي تميز القصيدة كلما اهتم الشاعر بها، ومن دون تلك الصور يكون نظم الشعر أشبه بنثر تجزأت عباراته بتكلف قائله ليكون شعراً وما هو من الشعر إلا بالوزن والقافية، والشعر بلا ميزات الخيال والتحليق في فضائه لن يقدم للمتلقي ما يشده إليه وما يجعله يهتم بهذا اللون من التعبير، فروحه في تفاصيل عالمه الخيالي الذي يجعل من ذلك الخيال أشبه بواقع، ومن الواقع ألواناً تحوله إلى خيال. وهناك من القصيد ما يبرع قائله في التصوير والأخيلة إلى درجة تلفت انتباه المتلقي لمثل تلك القدرة والإبداع فيكون معجباً، ولا غرابة فهذا بالفعل ميدان سباق الشاعر، لا في مجال الكلمات وصفها أو ترتيبها أو العبارات وتجاورها لتقديم المعاني جامدة من نبض الإحساس والشعور. وفي بعض القصائد تجد شاعرها ينظم قصيدته بشكل يقارب النثر الموزون لا أكثر، لا يهتم بفنيات ولا صور ولا تشبيه ولا بيان ولا استعارة، وكأنه بهذا كاتب يسطر وصفاً وقوانين ونظم لا يحيد عن تفاصيله إلى تقديم الجديد ولا يعيش المتلقي معه محلقاً في فضاء رحب من الخيال، رغم أنه يتوجب على الشاعر بناء خيال عام يحتوي القصيدة بكل أبياتها ويضبطها في رؤية واحدة، وأيضاً خيال خاص يجزئ الصور الفرعية داخلها، وبين أبياتها وعباراتها. ومن القصائد التي أشبعت إبداعات وتميزت بمضامينها والمعاني مع وضوح الصور الفنية فيها. ما يقول الشاعر فهد المفرج التميمي: الله على الوقت والدنيا واهلها يعين اشوف انا الوقت ما هو وقتنا اللي قبل واللي يدقق يبي يصبح ويمسي حزين الين كبده من احداث الزمن تندبل حنا بعرض البحر في الحبل متجوّدين ياويل ياويل من تطلق يديه الحبل الله يستر من الايام هي والسنين وكاد ما كل شيٍ حولنا ينقبل اقفى زمان الوفا والطيب والطيبين وجانا زمانٍ يسمونه زمان الخبل الموت من صحبة اللي ضيّع المشيتين يعادي العاقل ويجلس مع المنهبل اجلس لحالك ولا تجلس مع الضايعين الوحدة اشوى ولا عمرك يروّح سبل ويقول الشاعر رشيد الزلامي -رحمه الله-: أنته تلوم الزمان وحظك الاقشر ودنياك لو اضحكت لك يوم ما دامت اصبر وساير زمانك لا تجيب اكبر كم حطم الدهر نفس ٍ للعلا رامت لاتسبر الناس يا ابن الناس وش تسبر بليس موجود لو صلت ولو صامت انصحك بالصبر وانا ما قدرت اصبر من كثر ما اشوف كبدي بالزعل حامت ان كان ما تكشف العلة على المجهر ان طعتني خل جوالك على الصامت ويقول الشاعر أحمد عبدالرحمن العريفي "نديم المجرة": كان الخمر أم الخَبث والكباير فالفقر أبوٍ للغبن والمذلة تحير بعيون الفقير العبايير لولا الحيا دمعه على الخد هله يحس مثل النار وسط الضماير أو كنها مدفونةٍ وسط ملة يجلس وحيدٍ دايم بالعواير ماله صديقٍ صادقٍ غير ظله يعيش في داره غريبٍ وباير اقرب قريب له من الناس مله لو هو كريم ٍما يحسب الخساير قالوا مبذر والسرف عادة له وكانه شجاعٍ مايهاب الدواير الطيش يحسب عندهم مذهبٍ له وكانه حليمٍ لاجهل كل ثاير قالوا جبان وكل شخصٍ يذله الفقر كسار النفوس الحراير أعوذ منه بخالق الناس كله أحمد العريفي فهد المفرج