لقد انتهج الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز مبدأين أساسيين: مبدأ التمايز، ومبدأ التكثيف، وأحدث تغييرات نوعية في الفكر الاقتصادي وتمكن من بناء القصيم بناءً عمليًا وأدخلها طورًا حضارياً جديدًا وفق رؤية 2030.. نواصل اطلاعاتنا الثقافية لمنطقة القصيم والتي كانت بدعوة من الدكتور راشد أبا الخيل، فللقصيم جاذبية خاصة تثير فينا التأمل، فأول ما يلفت انتباهك النجاح بكل المقاييس والذي ولد الثقة بالنفس، ويبدو لي أن هذه الصفة هي من أهم أهداف التربية والمبدأ الذي يسير عليه الفرد في تجاربه وأحد أسرار نجاحه، وهذا ما مكنه من القدرة على مجابهة الحياة والتغلب عليها، وهنا تبدو لنا الدلالة الواضحة للطابع العصامي الذي نلاحظه في مجمل المواقف والمبادرات والتطلعات التي تمثل جوهر الحياة في القصيم وقد تحولت إلى كم هائل من الأهداف والطموحات والإنجازات، التي نراها ماثلة في الواقع والتي على وقعها سار الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز بالقصيم في طريق الرقي والتقدم وأوجد عالمًا مستقبلياً متفردًا يعمل بكل قواه على توظيف الكيفية توظيفًا نوعيًا، ومكرسًا تفكيره على الإنجاز، مضيفًا كل يوم فكرة نوعية إلى منظومات أفكاره المتدفقة. وكان من بين جملة تلك الأفكار فكرة التطوير المستمر التي تعرف في اليابان بنظرية (kaizan) كايزن والتي منهجيًا تعني تحسين الأداء ورفع الفاعلية وضمان الجودة، وكانت منهجيةً فريدة أدخلت القصيم في منطقة التفوق، وعند ذلك أدركنا البعد الملهم والتطويري في أفكار الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز والتي لم تتوقف على نقل وتفعيل التقنيات فحسب وإنما أسس منظومات تدريب عالية الجودة لتطوير الأداء والفاعلية والتي أصبحت نقطة تحول كبرى في تاريخ القصيم الحديث والتي أخذت أبعادًا واسعةً لا يمكن تخيلها اليوم. فعندما ننظر مثلا إلى سوق التمور الدولي والمناطق المزروعة بكثافة وحقول النخيل والتي تمثل اليوم مدنًا زراعية متكاملة، ونقف على حقول النخيل في وادي الرمة والبطين وسمحة وأم ظهيرة والضلفعة والتي تنتج كميات عالية من التمور تعادل ما ينتجه العالم وننظر في ذلك المحيط الشاسع والتي لم تكن مجرد مزارع تقليدية، فمزرعة الراجحي مثال حي للنهضة الزراعية في القصيم والتي تعتبر أكبر مزرعة نخيل في العالم ودللت على الحيوية الكبيرة التي يملكها القطاع الخاص، فقد حازت على الأرقام القياسية والجوائز العالمية وحصلت على شهادة المنظمة الأوروبية للزراعة العضوية عام 2007م. ومزرعة عبدالعزيز بن عبدالله التويجري (هضيم) والتي ينظر لها كمزرعة نخيل تمور نموذجية متطورة تستخدم التكنولوجيا الحديثة بصورة فعالة ودخلت حقل التصنيع الزراعي وأسست مصنعًا كاملًا للتمور بالأساليب التقنية العالمية، وقد تمكنت مزرعة عبدالعزيز بن عبدالله التويجري من نقل التمور إلى الأسواق العالمية وحصلت على جملة من الجوائز والشهادات العالمية (الإيزو، والجلوبال جاب، وسعودي جاب)، كما حازت المزرعة المثالية في إنتاج وتصنيع مشتقات التمور في القصيم، يضاف إلى ذلك مزرعة الصالحية ومزرعة السلمان في الركية والتي لم تكن مجرد مزرعة وإنما منظومة زراعية متكاملة أنشأها صالح السلمان في أوائل حياته وفتحها متنزهاً للناس وكان يشعر بارتياح حقيقي عندما يرى الناس يتوافدون على مزرعته، وهذا المبدأ الذي أشاعه السلمان أجمل الشواهد الاجتماعية والإنسانية واليوم تشكل مزرعة السلمان في الركية نافذة اجتماعية وثقافية وحضارية وملتقى اجتماعياً فريداً لزائري بريدة وصورة من صور الكرم في أروع مظاهره. واليوم مزارع القصيم تعتبر من أكثف وأكفأ المزارع استخداماً للتكنولوجيا في العالم، هذه المعجزة الزراعية تحققت بفضل الدعم السخي الذي كانت تقدمه الدولة للقطاع الزراعي في السبعينات والثمانينات، فقد كانت الدولة تقدم حوافز ضخمة تتمثل في القروض الكبيرة من غير فوائد ومشاريع زراعية واسعة بالمجان ودعم في الآلات الزراعية والذي شكل بدايات النهضة الزراعية وأنعش القطاع الزراعي، لقد انتهج الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز مبدأين أساسيين: مبدأ التمايز، ومبدأ التكثيف، وأحدث تغييرات نوعية في الفكر الاقتصادي وتمكن من بناء القصيم بناءً عمليًا وأدخلها طورًا حضارياً جديدًا وفق رؤية 2030. فالأمير الدكتور فيصل بن مشعل ذو طابع حضاري وإنساني وفي نفس الوقت ذو طابع عملي، يتمتع برؤية علمية وخبرة تراكمية ومهارة في الإنجاز، يفكر دومًا فيما يحدث فرقًا نوعياً في التطوير، فقد تلازم فيه البعد الحضاري الإنساني بالبعد القيادي، فكان الشخصية الإنسانية المفكرة والمطورة.