لقد انقلب السحر على الساحر، حيث كان يظن أن سكان عين الرمانة سيتوارون في بيوتهم إثر سماعهم قعقعة السلاح والشعارات الطائفية المتوشحة بالرايات الصفراء والقمصان السوداء، وكلها علامات تشي بالنية المبيتة للاعتداءات التي استلهمت مناخ الحرب الأهلية اللبنانية في ذات المكان عام 1975، بين المسيحيين والفلسطينيين، واليوم بين الثنائي الشيعي وأهالي عين الرمانة.. لم يكن غريبًا ولا مستبعدًا ما فعله حزب الشيطان اللبناني وشريكته حركة أمل يوم الخميس الماضي في عين الرمانة، فساكن الجحور -المتهم بقتل شخصيات سياسية وثقافية لبنانية، والمسؤول عن قتل المئات من اللبنانيين أثناء حروب الأزقة في بيروت وضاحيتها، وقتل الآلاف في حرب "لو كنت أعلم" عام 2006- يظن أنه يستطيع تعمية عيون الناس عن الحقائق في أحداث يوم الخميس، كما عميت عيناه هو عن رؤية الحقائق الناصعة كشمس الظهيرة، نتيجة بقائه كالجرذان مختبئًا في الجحور، وإذا كان للتلفيق والافتراء وإثارة الفتن سيد في هذا العالم، فهو ساكن الجحور المتوهم دائمًا أن الدنيا تتآمر عليه، وكأنه هتلر زمانه! أحداث يوم الخميس الأسود تصعيد خطير كشف عن فائض قوة وغريزة تعالٍ لدي الحزب وحليفته حركة أمل التي يرأسها القائد الأزلي، الذي خلافًا لكل الأعراف السياسية في العالم يرأس مجلس النواب على مدى ثلاثين عامًا ويرأس في الآن نفسه ميليشيا كان لها دور بارز في حرب المخيمات الفلسطينية، فمرور الزمن لم يمحُ صورته التي تذكر وحدها بالحرب الأهلية اللبنانية. ما انفك الثنائي الشيعي يواصل حملة شيطنة قاضي التحقيق طارق بيطار لهدف معلن وهو عزله بدعوى تسييسه التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وأنه تجاوز الخطوط الحمراء وتؤيدهما في ذلك قوى سياسية أخرى أصبح القاضي يشكل خطرًا على مصالحها، لدفن التحقيق أو توجيهه وجهة أخرى. في وقت يرفض فيه القضاء طلبات عدة تقدم بها المدَّعى عليهم لكفّ يد البيطار عن القضية، كما يتظاهر ذوو الضحايا دعمًا للبيطار واستنكارًا للتدخلات السياسية ورفض المدَّعى عليهم المثول أمامه للتحقيق معهم، يتساءل أهالي ضحايا انفجار المرفأ: لماذا يرفض الثنائي الشيعي التحقيق مع الوزراء السابقين؟ كما أن القاضي لم يتهم أحدًا من حزب الله بالتورط في الانفجار بل استدعى مسؤولين رسميين في الدولة، وهذا يعني ببساطة أن الحزب لو لم يكن متورطًا لما استُفِزّ إلى هذه الدرجة، خصوصًا أنه الأقوى في البلد وهو الذي يمتلك السلاح، فممَ يخاف؟ وهو يقيم في دويلة لا تخضع لسلطة القانون. يعلم الجميع في العالم كلّه أنْ ليس في استطاعة الدولة اللبنانية المبعثرة القيام بأي عمل للجم الثنائي الشيعي، لنزع بلادهم من مخالب الملالي، إذ تظل القوى السياسية اللبنانية عاجزة عن اتخاذ موقف عملي وحاسم تجاهه، وترضى بأن تكون بلادها رهينة للمجوس، لهذا يبدو صمت العالم بأسره عن جرائم هذين الفصيلين وكأنه عقاب جماعي لكل اللبنانيين لأنهم قبلوا أن يعيشوا في كنف الوحش الذي بعد أن سمنوه التفّ عليهم لينهش لحومهم. وكما هو معتاد في سلوك هذين الفصيلين فإنهم يلقون بمسؤوليتهم عن الأحداث في لبنان على الآخرين، فحركة أمل نددت بأحداث العنف وأنها تهدف إلى إحياء الفتنة وتهديد السلم الأهلي، وكأن الحركة لم تكن شريكة للحزب الإيراني في إشعالها، كما اتهم حسن نصر الشيطان في خطاب متشنج مساء الاثنين الماضي، رئيس القوات اللبنانية بمحاولة جرّ البلاد إلى حرب أهلية. ومما يثير العجب أنه في الوقت الذي يزعم فيه رفض الحرب الأهلية ويتهم الآخرين بجر البلاد إليها، يهدد لبنان بأسره بأن لديه 100 ألف مقاتل مدربين ومجهزين وجاهزين! ولا ريبَ أن أولئك الزعران الذين يتباهى بهم هم الذين استعان بهم لتدمير سوريا وقتل أهلها السنة، وتهجيرهم، وفاء لعقيدة كبيرهم الذي علمهم السحر، بل إنه اتهم قائد القوات اللبنانية بصناعة داعش، وهي التهمة التي يتهم بها كل خصومه، فسبق أن صرّح لقناة لبنانية في 13 أغسطس 2016 "أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وراء صناعة تنظيم داعش في سورية والعراق"! ولأن الحماقة أعيت من يداويها، فقد سارع إلى تحذير داعش بقوله: "فكروا شوي! أميركا والسعودية تريد ضربكم في سورية". فكيف يضربان داعش وهما من صنعاها على حدّ زعمه؟ بل إنه يظن أن الناس نسوا تلك الصفقة الخبيثة مع قادة داعش عندما أصرّ على ترحيل أعداد غفيرة منهم إلى لعراق في حافلات مكيفة نظير مبالغ طائلة قدمت له، الخائن ينظر إلى الجميع بعين طبعه. كل الحثيثيات تشير إلى أن ما حدث أمر دبره الثنائي الشيعي لإجبار اللبنانيين على الصمت والموافقة على إسكات القضاء الذي يتعاملان معه بمنطق كاد المريب أن يقول خذوني، لكن ذلك المريب يوقن تمامًا أنه سيفلت من العقاب، ولن يجرؤ أحد على محاسبته كما حدث منذ مقتل رفيق الحريري ورفاقه، وليس انتهاء بمقتل الصحافي لقمان سليم، لكنه مع ذلك لا يكفّ عن ذرف الدموع وادعاء المظلومية لفريقه وبيئته. لقد انقلب السحر على الساحر، حيث كان يظن أن سكان عين الرمانة سيتوارون في بيوتهم إثر سماعهم قعقعة السلاح والشعارات الطائفية المتوشحة بالرايات الصفراء والقمصان السوداء، وكلها علامات تشي بالنية المبيتة للاعتداءات التي استلهمت مناخ الحرب الأهلية اللبنانية في ذات المكان عام 1975، بين المسيحيين والفلسطينيين، واليوم بين الثنائي الشيعي وأهالي عين الرمانة. ولدن الإعلان عن خطاب الإفك الذي سيلقيه حسن نصر الشيطان، الذي لا يخلو من أكاذيب واتهامات وتهديد وترهيب معتاد، دوّى صوت إطلاق أعيرة نارية كثيفة في ضاحية بيروت الجنوبية، احتفالًا (بلحظة التجلي) التي تأتي وسط تصاعد التوتر نتيجة للأحداث الأخيرة، في ذلك الوقت يخرج مناصروه -حسب أحد المواقع اللبنانية- "من على (كوكبٍ آخر) ليُعلنوا انتظارهم توقيت كلمة نصرالله بعد الحادث الدموي الذي وقع يوم الخميس بمنتهى (الحب) و(العشق)، فقد خرج مناصرو نصر الله عن أدبيات مخاطبة (الأمين على أرواحهم) كما يدّعون، متوجهين إليه بعبارات (العشق) و(الهيام) وكأنه (الشافي من الأمراض) و(مضاد للاكتئاب) و(مغذٍ للروح والعقل)، فيما يعاني اللبنانيون من سياسته التي أوصلت لبنان إلى العزلة الدولية الخانقة والانهيار المالي الذريع بسبب حمايته للمنظومة السياسية الفاسدة"! ختامًا إن تاريخ حسن العلقمي -هذا لعصر- تاريخ أسود يحكي إرهابه ودمويته في لبنانوسوريا والبحرين والعراق والكويت واليمن، وسيكتبه التاريخ بأحرف من خزي وعار، وسوف تلعنه الأجيال جيلاً بعد جيل!