اليوم تتاح لقائد المسيرة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد فرصة وضع المملكة في مكانها الصحيح بين الدول المتقدمة، لدينا قمم عالية تنتصب أمامنا معلنة التحدي، لكن مع هذه القيادة التي جمعت بين الخبرة والشجاعة والإخلاص سنعتلي كل تلك القمم ونروض كل المصاعب بإذن الله.. حين سئل جورج لي مالوري أعظم متسلقي الجبال من الإنجليز عن السرّ في رغبته الملحة لتسلق قمة إيفرست، أجاب باختصار شديد "لأنها هناك"، قد تكون الإجابة غامضة للبعض، لكنها دلالة واضحة لمتسلقي الجبال وغيرهم، إنها تعني التحدي، والرغبة الجامحة التي توقظها العزيمة ويؤججها الطموح، وإلا ما الدافع أن يتجشم المتسلق قمة يصل ارتفاعها إلى 29 ألف قدم حيث يصبح الأكسجين شبه معدوم، والعواصف الثلجية تهب، والانهيارات الثلجية تهدد المتسلقين، ناهيك عن الجهد المطلوب استعداداً للتسلق، والوقت والتكاليف المادية المطلوبة لشركات التأمين وغيرها؟!، رغم كل هذه المخاطر والصعوبات يتوافد المتسلقون في كل عام ومن مختلف دول العالم المتقدم بشكل خاص لتسلق هذه القمة وغيرها، وتحقيق الهدف الذي أشعل فيهم الرغبة للمغامرة والوصول إلى الهدف. الأعمال العظيمة التي غيرت العالم قام بها قلة من الشجعان الخارجين عن النسق المعتاد، سواء كانوا علماء فلك أو رياضيات أو علوم، أو كانوا مستكشفين عبروا المحيطات بحثاً عن طرق أو أراض جديدة، قد يكونوا قادة ينظرون أبعد مما ينظر غيرهم، لكنهم بلا شكّ امتلكوا العقول المتفتحة والمفكرة، والشجاعة والإرادة لتحقيق أهدافهم، ولو استمعوا إلى نصائح من حولهم أو استسلمو للعوائق في طريقهم لما تجشموا المصاعب قبل أن يحققوا غاياتهم. وكما هو التحدي لدى الأفراد فإنه موجود أيضاً لدى الدول، فالدول التي قبلت التحدي ورزقها الله قادة حالمين ومخلصين وشجعان، وضعت الرؤية، ورسمت الأهداف، ووصلت إلى مبتغاها رغم العواصف والأنواء والصعوبات وتكالب الأعداء، فكل نجاح ينجز تولد معه تحديات جديدة، وكل انتصار يتحقق يكون له حساد وأعداء، وهكذا هي الحياة. اليوم أمام قادة المملكة فرص عظيمة لأخذ الوطن إلى قمم أعلى، وامتلاك القوة بكل مقوماتها، وكما أتيح للملك عبدالعزيز قبل أكثر من تسعين عاماً توحيد المملكة ونشر الأمن والتنمية، فاليوم تتاح لقائد المسيرة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد فرصة وضع المملكة في مكانها الصحيح بين الدول المتقدمة، لدينا قمم عالية تنتصب أمامنا معلنة التحدي، لكن مع هذه القيادة التي جمعت بين الخبرة والشجاعة والإخلاص سنعتلي كل تلك القمم ونروض كل المصاعب بإذن الله، ومن أهم التحديات التي تواجهنا ما يأتي: أولاً: الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل أصبح هو الهاجس لكل الدول، وقد حظي هذا القطاع باهتمام ولي العهد، فكان التوجه للسياحة والتصنيع وتعظيم رأس مال صندوق الاستثمارات العامة ومشاركته في التنمية الداخلية، ومكافحة العدو الأول للتنمية "الفساد"، ومن أهم روافد الاقتصاد في الوقت الحاضر الأبحاث والتطوير ونتائجه الباهرة، فكل ريال يصرف عليه اليوم يعود عشرة ريالات بعد سنوات قليلة، لكنه بحاجة إلى جهود مستمرة ودعم مباشر من القيادة العليا، يقول مهندس الصواريخ الهندية وأبوها الروحي أبو بكر زين العابدين عبد الكلام: "واجهنا في بداية المشروع صعوبات كثيرة بسبب شح المال ونقص الإمكانات والبيروقراطية، وعند زيارة رئيسة الوزراء أنديرا غاندي لنا شرحت لها ما يواجهنا من صعوبات، وطلبت منها تأمين مبلغ مليار ومئتي روبية هندية للأبحاث، وخمس مئة مهندس، وفي اليوم الثاني صدرت الأوامر وبدأ تدفق المال والمهندسين"، ومن أصعب ما يواجه البحث والتطوير إشغال العلماء والأساتذة في جامعاتنا وفي مراكز الأبحاث الأخرى بأعمال إدارية يمكن أن يقوم بها حامل شهادة في الإدارة. ثانياً: تعاني دول العالم من مشكلات الفقر وإفرازاته الكثيرة من مخدرات وجرائم وأمية وأمراض، وقد أولت المملكة عناية خاصة بالفقراء، وأوجدت نظام الضمان الاجتماعي الذي يعد من أفضل الأنظمة من حيث البرامج، لكنه يتوقف عند سدّ الحاجة من المأكل والمسكن والملبس وليس إخراج الفقير من هذه الدائرة، مما يتطلب أن نركز على وضع البرامج التي تستهدف إخراج الفقير من دائرته بالتعليم المميز، والتدريب المهني، والوظائف المجدية، وإشراك الجمعيات الخيرية لتطبق مبدأ "لا تعطني سمكة، علمني كيف أصطادها". المملكة كغيرها من الدول تواجه تحديات مستمرة ستبقى ما بقي الإنسان، لكن الحياة لا تحلو إلا بوجود التحديات والعمل على حلها، فلا شيء كمتعة المغامرات الجميلة التي تتطلب بذل الجهد الإضافي لتحقيقها، وها هي المملكة قد وضعت قيادتها الرؤية والبرامج والأهداف لتحقيق ذلك.