ها هو المسرح يستقبل أيامهُ بِحُلة العيد، ومن جديد، من جديد، يرفع أعمدته بقوةٍ، نعم لقد عادَ، لقد عاد كياناً جُلمودياً، ليقف شامخاً مرةً أخرى، يدق قلبهُ دون هدوء. فمن سيغني فيه، هو صوتٌ يعطي للمسرح عراقة وحضارة وتاريخاً، يقدمُ له وسام الشرف، ويفتح ستارته بكلِّ فخرٍ، ويبقى في ذاكرةِ الجميع. نبيلٌ هو صوتك يا مغني الحب والجرح والوطن والإخلاص، يا مغني السعادة والحزن، صوتك الذي يعيدني، ويحيي قلبي الذي باتَ دمه من رماد، فيزرع فيّ براعم الحياة من جديد. أدمن هذا اللحن، وهذا الصوت أسمعه مرة وأعيده آلاف المرات. كيف لنا ألا نتفتح مرةً أخرى، ونشرق بصوتك يا فواحة العرب؟ ويا صوت الثراء، يا قدوة الفنِ وكنزه، الاسم الساطع محمد عبده، هل لي أنْ أغمض عينيّ لأتخيل نفسي مع كلِّ أغنيةٍ تأخذني إليها إلى عالمٍ مختلف، يريح نفسي ويهديني سلاماً لروحي؟!. وكيف لا يجعلون مسرحك المتباهي لا يتسع لآلاف الأشخاص، وبمجردِ حرفٍ تغردُ به تُخرجُ الجوى من الروح، تأخذنا إلى نوفلٍ عميق نبحر فيهِ في الفلقِ والغسق؟. مذهل أنت، ومن منا لا يذكرُ "مذهلة" التي تذهلنا في كلِّ مرةٍ نسمعها كما لو أنَّها المرة الأولى. مذهلة... ما هي بس قصة حسن رغم إنَّ الحسن فيها بحد ذاته مشكلة كل شي فيها طبيعي ومو طبيعي أجمل من الأخيلة طيبها قسوة جفاها ضحكها هيبة بكاها روحها حدة ذكاها تملأك بالأسئلة نعم لقد أذهلتَ أسماعي يا أمير الاختيار... وأغنية "على البال" تسافر معي في كلِّ تفاصيلي، تذكرني بتفاصيل الماضي؟! على البال كل التفاصيل وأحلى التفاصيل والحل والترحال.... والنار والهيل والقمرة إلي نورت ليل... ورى ليل والنظرة المكسورة والبسمة المقهورة والخطوة المعزورة وأحلى المواويل دايم على البال ياله من إبداعٍ رقيق، وآلاف الأغنيات التي لو جلست سنين لوصفها لا أنتهي ولن أنتهي. سلمتَ لنا ياملك المسرح، ومحيي الكلمات، طقوس حضورك تهلِّل وتجلبُ الوضاءة لكلِّ أيامنا، إنّها جرعة المحبة الدائمة لكلِّ كلماتك يا سيد الكلمات. دمت لنا سالماً تغني باستمرار، ونحيي معكَ ليالي سمرٍ هادئة نطرب بها أسماعنا، ولحنك الذي يطفو على دمِ قلوبنا، ولغتك الوردية التي لا تشبهُ أيُّ حرفٍ غُنيَّ. أطال الله في عمرك، ويبقيك في اطمئنان، ونراك دائماً تبهج الحاضرين بوجودك وصوتك الرنان، أهلاً بك في المسرحِ، وإن شاء الله تُعادُ ملايين المرات.