كثيرة هي الأقلام التي كتبت عن سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله -، سواء كان من الجانب السياسي أو الاقتصادي أو كقيادي محنك، الذي أبهر العقل بقراراته، وأذهل ذوي الألباب بإصلاحاته، متطلعاً إلى رؤية وطن سعودي مستقر ومزدهر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، منطلقاً من قلب الوطن العربي والإسلامي مدينة الرياض، التي أنجبت من رحم الدرعية رؤية 2030، ملتحفة بالماضي العريق ترمق المستقبل المشرق، عنوانها «التحول الوطني». لن تهيم كلماتي حول ما سبق، فكما أسلفت الكثير كتبوا عنها، ولكنني سوف أجول حول الجانب الثقافي «للأمير المثقف محمد بن سلمان» الذي لربما غاب عن ذهنية البعض هذا الجانب الثقافي بشخصية سموه، وهذا الغياب يعود لبروز الصفات الأخرى لشخصية سمو الأمير القيادية والسياسية والاقتصادية وهما الهاجس والأولوية للإنسان السعودي، فبات الحديث يقتصر على القرارات والمتغيرات الثقافية التي عايشناها نحن الشعب السعودي، تعلن عن مرحلة مغايرة ذات رؤية متوازنة بين ماض يزخر بالعراقة ومستقبل محفز للتفاؤل، حيث كنا - نحن المثقفين - في سالف الأيام نتوق لتلك القرارات التاريخية كالأمنيات العابرة بين ثنايا الأحلام، لنراها بأم أعيننا حقيقة وواقعا نمارسها بحاضرنا، ونتحسس مستقبلها بأنامل أطفالنا، فأصبح لدينا وزارة للثقافة وهيئة للمتاحف وهيئة للفنون البصرية وهيئة للأدب والنشر وهيئة للمسرح وهيئة للموسيقى، وقبل هذا وذلك بأعوام أسس لنا سموه مؤسسة مسك الخيّرية، كمنارة تضيء عتمة الظلام، فيتراقص شعاعها على تلاجج الأمواج، مؤسسة ذات بُعد ثقافي وعلمي أدبي ترتكز على الجودة بالعمل، لتنهض بالإبداع كإنجاز فكري وتحفز المبدعين كمنتج ابتكاري، من قناديلها معهد مسك للفنون منصة داعمة للفنانين وللفنون، وأكاديمية مسك لتمكين الشباب للفكر والإبداع، ناهيك عن مبادرات مسك المتعددة منها الثقافية والأدبية والفنية والتقنية. بحق لم ولن تكن تلك القرارات التاريخية للرقي بالثقافة السعودية إلا بوجود قائد مثقف يعرف يقيناً احتياجات المشهد الثقافي، سواء كان فكرياً أو فنياً أو أدبياً، فالركيزة للإنسان المثقف هو التواضع، وكلما ازداد الإنسان ثقافة ازداد تواضعاً، لنراه يتجلى بسجية تواصل سموه مع الآخرين من الناس، سواء بوجود الإعلام أو بغيابه، نجده يحترم الأشهب عتيق الأيام، ويبتسم للغر ذي العشرة أعوام، ويكن كل التقدير للمفكرين والعلماء، وحين يتحدث سموه نجد سرعة البديهة تسبق كلماته، وعمقه الثقافي يتكئ على استشهاداته في الكثير من حواراته، وبالكاد لا يوجد مجلس أو ديوان لسموه إلا ونجده يزدان بلوحات التشكيليين ومؤلفات الأدباء، ولا أنسى ذلك المشهد المهيب لسموه في قمة قادة العشرين «G20» قبل عامين في طوكيو باليابان، عندما توسط قادة العالم كفارس عربي يفتخر بزيه الأصيل، هي رسالة للعالم أجمع أن سموه متمسك بمبادئه الثقافية وقيمه التراثية، وكأنه يقول للعالم: أنا ابن الصحراء الأصيل ولوني من لون الرمال. * ناقد وفنان تشكيلي لوحات فنية لوداد الأحمدي وزمان جاسم تعكس اهتمام ولي العهد بدعم الفنانين التشكيليين جلال الطالب*