وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا بيت شهير للإمام الشافعي - رحمه الله - يتدفق حكمة ممزوجة بخبرة عرف بها شعر الفقيه العظيم، وعلى الرغم من مرور أكثر من ألف عام ونيف على رحيل الشافعي، إلا أن أبياته مازالت تعيش بيننا، وتنشر الحكم والتجارب والخبرات التي عاشها وعايشها. وهذا البيت يحمل معاني وعبراً عديدة من ضمنها التنافس غير المحمود المفضي لأن يأكل الأخ أخاه لنخرج مفاهيم التنافس في مضامير الحياة لصراع ينتهي بنهاية وخيمة لأحد الطرفين. ومن سنن هذه الحياة التنافس والصراع بين البشر في الوجود والبقاء والعيش، وإن اختلف هذا الصراع في نوعه ودرجته. ولعل في تاريخ المعارك في حياة الجزيرة العربية بين فرسان العرب دروساً وعبراً، حيث كانت الحروب سجالاً بين منتصر ومهزوم غير أن هناك قيماً التزموا بها في أصعب ظروف الصراع. ولم تخرج هذه الصراعات عن إطارها لتحمل شتائم وتنابزاً بالألقاب وصولاً لوسم الأشخاص لخصومهم بأوصاف تقدح في فروسية التنافس وتخرجه عن مفهومه الحقيقي. والسائد كان في الغالب هو التفاخر بالانتصار دون استنقاص الطرف الآخر أو تحقيره واستنقاصه. لكن المتتبع للإعلام الرياضي يرى خروجاً فاضحاً عن خط التنافس الشريف لمسارات بذيئة تحمل قذفاً وشتائم وتراشقاً، نقلت الرياضة من ميدان الروح الرياضية وأدبياته السامية إلى لغة شوارعية هابطة. والسؤال لماذا انحدر بنا المستوى في الخطاب الإعلامي الرياضي وغاب التهذيب وحضرت الألفاظ والعبارات والأساليب التي تشق الصف وتزكي العداوة في النفوس وتضاد مع روح التنافس الشريف وتقتل متعة التنافس الرياضي النبيل. وهنا عبر «الرياض» أوجه النداء للرياضيين كافة من مختلف انتمائاتهم وميولهم بضرورة تغليب قيم فرسان العرب والمسلمين في التنافس الحميد، واستلهام الخصال العظيمة فيما كانوا يتحلون فيه سواء عند الانتصار أو الهزيمة، فمن باب أولى أن يكون الاحترام والروح الرياضية حاضرين في تنافس رياضي على كأس أو دوري أو سوبر فهل من مستمع؟!