شهد تاريخ الفن الحديث الغربي والعربي الدور الكبير الذي أدّاه النقد الفني بوصفه أداة ساهمت في خلق أعمال فنية جديدة، ومتطورة واكبت الحراك الثقافي حينها، إلا أنه مع الفن المعاصر وما يعانيه من إشكالية المصطلحات والمفاهيم حول النقد أصبح هناك تعثر لتطبيقه، ففقد الدور المهم الذي كان يقوم به، لا سيما في المملكة التي تطورت فيها الفنون البصرية بشكل سريع خلال العشر سنوات الأخيرة نحو العالمية وانتقلت الفنون البصرية بشكل سريع من نمط الأعمال التقليدية إلى المفاهيمية والإنشائية وغيرها، ما خلق تحديًا كبيرًا أمام من سيكتب وينقد هذه الأعمال التي تعرض مصحوبة بنص كتابي -البيان الفني- لشرحها وهو أشبه بكونه قراءة فنية نقدية مختصرة لإقناع المتلقي بالعمل، لذا رأى الكثير بعدم ضرورة النقد وعلى وزن موت الفنان جاء موت الناقد، لذا تراجعت ممارسته واقتصرت الكتابة في الكثير منها على البيانات الصحفية واللقاءات وتقديم الكتب التوثيقية للمعارض والفنانين وغيرها، بالمقابل يشير تقرير الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية الصادر من وزارة الثقافة (2019) أنه خلال العقد الماضي نشطت في المشهد الفني موجة للفن المعاصر دعمتها مؤسسات سعودية أهلية فنية قدمت طليعة من الفنانات والفنانين الذين اختلفت فنونهم عمن سبقهم من حيث أشكال الممارسات الفنية ومساحات نشاطها، إذ حصدوا اهتمامًا ملحوظًا في أوساط الفن العالمية؛ ما أوجد حالة ديناميكية تحفز للمزيد من التداول النقدي التشكيلي المثري للمشهد الفني السعودي، بمعنى أن من المفترض أن تشكل تلك الأعمال الدافع لتطوير النقد في حين أن واقع النقاد الفنيين ليس كذلك، وإنه من المفترض أن الناقد ما هو إلا متذوق في أعلى درجات نمو الرؤية الفنية يقدم رؤاه في نصوص كتابية تساهم في عكس الواقع الثقافي للفنون وتقريبه للمتلقي، وهنا يأتي دور الأقسام الأكاديمية في إيجاد الموازنة بين الإنتاج الفني والكتابة عنه وتأسيس توجهات نقدية معاصرة تسهل فهم الأطر الفكرية لتلك الأعمال المعاصر للأجيال الفنية وبالتالي تسهم في تطوير واقع الفن. * أستاذ الرسم والتصوير المساعد جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن