أثار المعرض الفني «العبور» المقام حالياً في جدة الجدل بين التشكيليين، ففي حين رأى البعض أن الأعمال تتضمن مخالفات وإسقاطات شرعية لا مبرر لها، يرى آخرون أن أعمال المعرض مميزة وليس هناك مبرر لتحميلها أكبر مما تحتمل، وقالوا إن منتقدي المعرض يفتقرون للثقافة الدينية والفنية أيضاً. وكانت الفنانة ميساء مصطفى بدأت شرارة الجدل، إذ كتبت على صفحتها بالفيس بوك: «معرض عبور.. عبور فكري ومنحدر فني خطير.. ديننا يهان بشكل غير لائق والفن بدل أن يكون رسالة سلام أصبح رسالة إهانة»، وقالت ميساء إن بعض الأعمال تضع المتلقي أمام تأويلات قد تكون سلبية وإسقاطات قد تفهم من البعض أن فيها إساءة، مطالبة جميع التشكيليين بمقاطعة المعرض. بينما أوضح الفنان أحمد ربيع أن ميساء حملت الأعمال ما لا تحتمل، فليس كل مكعب يقصد به الكعبة، وقال: «الربط بين عمل السجادة على شكل طائرة ورقية وسجادة صلاة فيه الكثير من الغرابة ولا أود القول الاعتساف»، مؤكداً ضرورة حسن الظن في مثل هذه الأعمال. فيما قال رئيس جمعية الثقافة والفنون بالطائف الفنان والناقد فيصل الخديدي «الأعمال المعروضة تعتبر نصوصاً بصرية مفتوحة قابلة للتأويل، ويراها المتلقي على حسب محموله الثقافي ونظرته الفنية، وهو ما يتطلب تقبل تعدد القراءات حتى لو لم نتفق معها، أيضا متى ما كان بيان العمل المكتوب أو اللفظي متوافقاً مع النص البصري المعروض عندها يكون الفنان صادقاً في تقديم مفاتيح للعمل ترشد المتلقي لمسار أهدافه، والعمل الذي يقدم بخطاب مزدوج مربك للقارئ ومشوش للمتلقي، ومعرض عبور قدم بياناً عاماً للمعرض وبياناً خاصاً لمشروع كل فنان يدور في فلك البيان الرئيس للمعرض، وتتباين اقتراب وابتعاد العمل بصرياً مع بيانه، وهو ما أفرز شيئاً من الإرباك للمتلقي». فيما قال الناقد والفنان عبدالله إدريس: «إنني أستغرب هذه المواقف العدائية تجاه (المفاهيمية) أو الفن المعاصر، وهي مواقف تتخذ مرجعاً من المنحى العقائدي والديني وأحياناً الاجتماعي». وأضاف: «أصحاب هذه المواقف يفتقرون للثقافة الدينية، وأيضاً الفنية، ويرتكزون فقط على الرؤية البصرية للحكم على المشاهد أمامهم والتفسير الظاهري للمحتوى، والاستغراب الآخر الذي انتابني هو أن البعض ممن هم محسوبون على النقد والفن يتفاعلون دون وعي مع بعض «السطحيين» -على حد وصفه- الذين يطلقون الاتهامات والفتاوى المعتمدة على المشهد الظاهري فقط، إذ إن هناك فئة تحاول التطاول وهدم ما تحقق في الحركة التشكيلية المحلية تنفيذاً لأجندة معروفة تحت شعار المقدس وحمايته». فيما أكدت الفنانة نوال السريحي أن الحركة التشكيلية السعودية في تطور دائم إلا إن هناك لبساً في مفهوم الأعمال المفاهيمية، فليس بالضرورة أن يكون العمل الفني جميلاً أو جذاباً، ففي المفاهيمية نحتاج إلى مثقف ذي فكر مرن ومختزل عميق لكي نفهم العمل أو نستمع ونتعايش مع فكر الفنان لأن المختزل الفكري هو ما تراه أو تحتاج أن تراه في العمل الفني. فليس بالضرورة إرضاء المشاهد أو المتلقي فعدم التكافؤ في فهم المفاهيمية موجود، وأنا في معرض «العبور» لا أرى أي تجاوز ديني، وإنما هي أفكار جديدة بسياق فكري عميق يحكي عن الإنسان ويحاكيه. «عكاظ» تجولت في معرض العبور، ورصدت بعض الأعمال المميزة التي كان فيها اختراق للزمن بمفهوم مفاهيمي لاستكشاف الأشكال المتعددة من خلال الوسائط الملموسة وغير الملموسة وخلق أشكال لا نهائية للذات والفكرة من خلال أساليب مختلفة، وحول اللبس الذي ظهر حول عمل الفنانة عهد العمودي أوضحت الفنانة، بحسب الكتيب المرفق للمعرض أنه عمل يثبت أن الثلج يسيح بالحرارة ولا يحمل أي تأويل آخر، وهو عمل مركب يؤكد لحظة من الصراع في محاولة مستحيلة لمنع الثلج من الذوبان، وهذا كان القصد من العمل بفيديو مركب، فيما أوضحت الفنانة الهولندية الجوهرة أن عملها «جبل عرفات»، هو أمنية منها للوقوف على هذا المشعر، وتوضيح أهميته الرمزية الشديدة وقوة شعائر الإسلام.