لا أسترخص قلمي في الكتابة عن أي شيء، حيث خصصته للكتابة حول خمسة أمور.. الأول: نقد بناء يعالج مشكلة آنية أو مستقبلية، الثاني: حدث مهم يستحق التعليق عليه، الثالث: رثاء لشخصية مؤثرة وفاعلة، الرابع: فكرة إيجابية حول موضوع ما، الخامس: شخصية ناجحة تتسم بالإنتاج والأخلاق، لأن القلم له قيمته كما للإنسان قيمته، فإذا أكثر الإنسان استعماله فقد تلك القيمة وذلك التأثير الذي يرجوه، فإذا كان الإنسان يصول ويجول في كل موقع ولأي نجاح، فكيف سيكون لقلمه امتياز وقوة، فالأقلام تتميز بطرحها لا بحبرها. البرامج التلفزيونية الحوارية، كثيرة جدا، لكن النجاح فيها قليل جدا، والأقل ذلك هو الحصول على التميز، فما السبب يا ترى؟ أيرجع للحصيلة الثقافية لمقدم البرنامج؟ أم مكانة الضيف في المجتمع؟ أم الأداء الاحترافي للمهنة؟ الحقيقة أن هناك عوامل مشتركة للنجاح يغذي بعضها البعض، والمتألقون والعظماء والناجحون يؤمنون بمبدأ الوفرة، أي النجاح يجير للجميع، وهي الكلمات الأخيرة التي عبر بها الأستاذ عبدالله المديفر في كلمته الموجزة في قصرها العظيمة في محتواها بمناسبة مرور عشر سنوات على أول لقاء تلفزيوني أجراه تحت عنوان: (ماذا تعلمت خلال العشر سنوات) التي صادفت 6 مايو 2021م. وهنا أطرح تساؤلا آخر: ماذا نتعلم من إبداع المديفر؟ ليس مقتصرا هذا السؤال على المجال الإعلامي، إنما في الحياة عموما، أستطيع تلخيص ذلك في 10 دروس: الأول: لا يهم بداياتك الضعيفة فالعبرة بالنهايات، الثاني: تفقدوا سمات الشخص المبدع في أنفسكم، الثالث: الشغف وحده من يصنع التميز وليس الميول فقط، الرابع: المبدع يستطلع البيئات المحفزة على الأبداع، الخامس: لا تركن لخبراتك السابقة وليكن شعارك (وقل ربي زدني علما)، السادس: لا تستعجل النتائج فالصبر والإصرار لا غنى عنهما فبالصبر نتحمل المشاق وبالإصرار نتجاوز التحديات، السابع: المبدع يحمل الامتنان الصادق لأن هناك أشخاص ساهموا في وصوله إلى تلك القمة، الثامن: هضم الذات سمة المبدع، لأن الإعجاب بالإنجاز من أعظم عوائق الهمة والإبداع، التاسع: ثقافة نحن وليس أنا فأي إبداع بشري لا بد أن تجد للآخرين بصمة في ظهوره، العاشر: الموهبة وحدها لا تكفي فلا بد من تغذيتها بالمهارات وصقلها بالتدريب. هذه عشرة دروس نستنتجها من نجاح وتألق عبدالله المديفر، ويمكن أن تكون إرشادات لنجاح أي مبدع وبارع، فالمعلم يستطيع أن يحول مهنته لشغف يبدع من خلالها فينال بذلك ثلاث ثمرات: الأولى: الأجر والثواب، الثانية: الذكرى العطرة، الثالثة: السعادة والبهجة، وخطيب الجمعة بإمكانه أن يحول خطبة الجمعة إلى منبر إلهام بما يطرحه ويتناوله، والطبيب بما يعرفه من فوائد غذائية أو ممارسات يستطيع أن يبدع ويؤدي دورا رياديا في التوعية والتثقيف، والكاتب بإخلاصه وقراءاته المتأنية الدقيقة قادر على طرح الموضوعات العادية بطريقة إبداعية.. إذن المسألة: «شغف ثم شغف ثم شغف».