نظام الانتخابات الأميركية المميز عن جميع دول العالم يعد من أهم العوامل التي مكنت أميركا من تعزيز ثقة العالم بها خصوصاً حلفاءها، لكن الانقسام الحاد الذي أحدثته ظاهرة ترمب كشفت هشاشة آليات التصويت خلال انتخابات 2020 خصوصاً مع الاستعانة الواسعة بنظام التصويت الغيابي عبر منظومة البريد بسبب الظروف المتعلقة بجائحة كورونا، من يتعاطى بشكل روتيني مع المؤسسة المعنية بالخدمة البريدية في الولاياتالمتحدة يدرك أن نسبة الخطأ داخل تلك المؤسسة لا تؤهلها لإنجاز مهمة بأهمية وحجم التصويت للانتخابات الأميركية وقد حذر ترمب أنصاره من استخدام البريد للتصويت خلال انتخابات 2020. بعد فوز بايدن بالانتخابات حدث جدل كبير وتشكيك في نتائج الانتخابات الأميركية علم به وسمع عنه كل بشر على هذه البسيطة، هذا التشكيك كان ولا بد من دراسته وإعادة النظر فيه، لذلك كان من الطبيعي تمحيص الآليات الانتخابات وضبطها بشكل يضمن الشفافية والدقة للحفاظ على ثقة الناخب الأميركي وعلى هيبة أميركا في الخارج وثقة حلفائها بمنظومتها. في هذا السياق كان للهيئة التشريعية لولاية جورجيا السبق، حيث تم التوقيع على مشروع قانون الإصلاح الانتخابي والذي كان من أبرز بنوده الحد من النافذة التي يمكن فيها طلب بطاقات الاقتراع الغيابي، ويقلص عدد المواقع والمرات التي يمكن فيها الوصول إلى صناديق الاقتراع. كذلك حق قبول أو رفض بطاقات الاقتراع بالبريد ومتطلبات جديدة ودقيقة لِلتَّثَبُّتِ من هوية المصوتين عبر البريد بالإضافة إلى تحديد ساعات التصويت المبكر. هذا المشروع يعطي هيئة المشرعين وهي الجهة المعنية بالانتخابات صلاحيات وسلطة أقوى في إدارة الانتخابات وتقليص تدخلات حاكم وسكرتير الولاية. هذه الإصلاحات كانت محور وصلب القضايا التي رفعها ترمب للطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية (2020) لذلك كان الرئيس السابق ترمب أول المؤيدين لخطوة المشرعين في ولاية جورجيا وقد قال في هذا الصدد: تهانينا لجورجيا والهيئة التشريعية لولاية جورجيا على تغيير قواعد ولوائح الناخبين.. لقد تعلموا من مهزلة الانتخابات الرئاسية لعام 2020. كذلك غالبية أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري أعلنوا تأييدهم التام للإجراءات الجديدة في جورجيا وأكدوا أن الخطوة التي أقدم عليها المشرعون في الولاية ستحسن نزاهة الانتخابات وطالبوا باقي الولايات أن تحذو حذو جورجيا واتخاذ إجراءات مماثلة لتعزيز الثقة بالانتخابات. في المقابل الديموقراطيون وقفوا ضد القانون الجديد وفي مقدمتهم الرئيس جو بايدن واستخدموا في انتقادهم وهجومهم على القانون ذات السلاح التقليدي وهو العنصرية واستهداف الأقليات من السود في ربط غير منطقي وحوار بيزنطي، هذا الموقف والدفاع عن الآليات القديمة من قبل الحزب الديموقراطي يعد أمرا غير مستغرب فتاريخ هذا الحزب متخم بالمواقف المعارضة لأي ضبط للأنظمة والقواعد خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالانتخابات ونظام الهجرة، وهم في ذلك لا يلامون فضبط تلك المنظومتين يعني اضمحلال حظوظهم في دخول البيت الأبيض. dd925746-25c0-4370-94a8-bc6ef52a9cde