حالة كبيرة من الحزن تسيطر على مواقع التواصل منذ أشهر في وداع عدد كبير من الفنانين بشكل متتالٍ معظمهم ممن أصابتهم الكورونا، وهي أخبار دائماً ما تكون مؤلمة خاصةً إذا ما كان هذا الفنان مرتبطا بذاكرة الجمهور، حيث نجد حالة من السواد تسيطر على صفحات المتابعين وتغريداتهم وما ينشرونه من صور. كبار النجوم يتبادلون هذه الأخبار بالكثير من رباطة الجأش والقوة، ينشرون تعزية للجمهور ولزملائهم في الوسط الفني ويكتبون عن زميلهم الراحل في بعض الأحيان بعض عبارات التقدير التي يستحقها ولكن دون مبالغة في إظهار مشاعر الألم تقديراً للمتابعين الذين يتأثرون فعلياً بمشاهد الوداع التي يرونها خاصةً إذا كانوا من عشاق هذا الفنان. فئة أخرى من الفنانين لا تفعل ذلك، بل تفعل العكس، تبالغ في إظهار مشاعر الألم حتى تكاد تعتقد أن الفنان أو الفنانة الراحلة من ذويها المقربين جداً، وهو ما ينعكس وبشكل سلبي على المتابعين الذين يرفضون هذا النوع من ردود الفعل ولا يجدون لها مبرراً، خاصةً وأن مظاهر الوداع التي يرونها من قبل هؤلاء الفنانين غير مقنعة، فمن غير المفهوم أن يصور فنان نفسه بعد خبر رحيل أحد زملائه وهو يصرخ ويبكي كاشفاً طبيعة علاقته بهذا الفنان الراحل وما يجمعهما من ذكريات لا تعني الجمهور في شيء، أو أن يظهر عبر أحد البرامج ويُصاب بانهيار وهو يتحدث عن زميله الراحل، أو ينشر آخر محادثاتهما معاً أو صورهما أو مقاطع صوّراها معاً، كل هذا غير مبرر لأن هذا الفنان نفسه سريعاً ما يعود للحياة الطبيعية وكأنه لم يكن في حالة يُرثى لها من أيام على مرأى المتابعين في محاولة من كل فنان لإثبات أنه هو الأقرب للنجم الراحل مستعطفاً الجمهور بما ينشره وكأنه يتسول «المواساة»! يحتفظ الكثير من النجوم بخصوصية علاقتهم بزملائهم قدر الإمكان ليس لشيء بل لأن الجمهور لا يعنيه من تلك العلاقة سوى ما تعكسه من انسجام بينهما على الشاشة، هذه الخصوصية تتلاشى سريعاً بعد رحيل أحد أولئك النجوم، فالجمهور لا يعنيه عمق العلاقة بين النجم الراحل وأي أحد من زملائه بقدر ما يعنيه أن يشعر أن هذا الفنان أخذ حقه من التقدير بعد رحيله، وبالطبع فما أصبحنا نراه من مظاهر ما بعد رحيل الفنانين لا يعتبر تقديراً لأن البكاء والنواح ونشر المحادثات والصور لا تعني الجمهور في شيء ولا تكرَم سيرته الفنية.