يتمتع وطننا العزيز بمكانة دينية غالية واستقرار سياسي متفرد وثقل اقتصادي مرموق، ما جعل منه وجهة أمنية مبتغاة للسفر لها سواء من أجل التشرف بأداء التكاليف الدينية أو للحظوة بفرصة عمل من أجل لقمة العيش، لكن تلك الأسباب المقبولة نظاما للدخول كانت وما زالت محط عدم التزام من قبل بعض الزائرين والوافدين؛ نقول ذلك بدافع من الغيرة الوطنية لكننا بلا شك لسنا ضد من يقصد بلدنا أيا كان الغرض من مجيئه طالما تقيد في دخوله وبفترة بقائه بما تفرضه السطات المعنية من شروط وقيود على أسباب ووقت الزيارة والعمل، فقلوبنا مفتوحة وأيادينا ممدودة ووطنا يرحب بالجميع من كافة الجنسيات من قاصدي الحرمين الشريفين أو طالبي العمل أو السياحة. الهجرة غير الشرعية وفقا ل"بروتكول مكافحة تهريب المهاجرين المكمل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية"، تعرف بأنها الدخول غير المقنن للأشخاص فرادى أو جماعيا بدون التصاريح المتطلبة من دولة إلى أخرى عبر أحد منافذها البرية أو الجوية أو البحرية؛ ظهور الدولة بمفهومها وشكلها الحديث ساهم في تجريم دخول الدول بطرق غير نظامية أو البقاء فيها دون وجود الأذن بالإقامة؛ ولذا تعتبر الهجرة غير الشرعية فعلاً مجرماً وفقاً للقانون الدولي، وكذلك وفق القوانين الوطنية للدول، فضلا عن حقها في اتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات قانونية تجاه المهاجرين غير الشرعيين لحماية أمنها الداخلي، بما في ذلك حق القبض والترحيل لكل من يتواجد على أراضيها بطرق غير نظامية. الهجرة غير الشرعية لدينا كما لدى غيرنا ظاهرة مؤرقة لكنها بالنسبة لنا مزدوجة الضرر بسبب تراخي معالجتها وتنوع مصادرها واستمرار وتيرة تشكلها، وهي بلا شك تبرز الكثير من المشاكل والتبعات الأمنية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك؛ فأمنياً المشاهدات اليومية تنبئ عن وجود سيل جارف من العمالة السائبة لدينا، ولست آتي بجديد عندما أقول إن هناك أحياء كاملة لا يوجد للسعودي فيها أي حضور يذكر، بل ويصعب عليه الدخول لها لأسباب ليست بخافية؛ واقتصادياً هناك الكثير من القطاعات التجارية التي أصبحت تدار حكرا من قبل تكتلات عمالية تنتمي إلى جنسيات معينة؛ ولهذا نقول إن تراكم أعداد العمالة السائبة والمخالفة والمتخلفة والمتسللة مع الزمن يشكل خطرا حقيقيا على المكتسبات والجهود النوعية لهيكلة مقومات التنمية، في ظل ما يقومون به من ممارسات غير نظامية وجرأة على مخالفة القوانين وفي ذلك تطاول على هيبة الدولة وسيادة أنظمتها وقدرة سلطات مؤسساتها، وفي زيادة عددهم وتفاقم تجاوزاتهم وتزايد مشكلاتهم وتراخي المعالجة، مدعاة لخروجها عن السيطرة في ظل عدم تسجيل موقف دولي بشأن تخاذل تصدي دولهم لنزوحهم.