بارك عدد من الأكاديميين والمهتمين بالآثار قرار هيئة التراث باستئناف مشاريع "المسح والتنقيب الأثري" في مختلف مناطق المملكة؛ معتبرين تكاتف الجهود مع البعثات الدولية والمراكز البحثية العالمية المتخصصة، أمر في غاية الأهمية باعتبار أن عمليات المسح الآثاري مسؤولية علمية وثقافية وإنسانية. "أهداف المسح" وقال المستشار الجيولوجي د. عبدالعزيز بن لعبون: " تبلغ مساحة المملكة حوالي 1,960 كيلومتر مربع، وتغطيها مساحات شاسعة من الرمال والرواسب الحديثة، فبالتالي عمليات المسح الآثاري لهذه المساحة الكبيرة ليست بالأمر الهيّن، وهي مسؤولية علمية وثقافية إنسانية، لأن نتائجها ستخدم الحضارة الإنسانية". وأضاف: "مما يجعل من مشاريع المسح والتنقيب الأثري أمراً مُلحاً؛ هو موقع جزيرة العرب بالنسبة للعالم القديم مكانياً وحضارياً، وأن ما تم اكتشافه من آثار للمنشآت الحجرية والرسومات الصخرية تشير إلى العمق الحضاري لإنسان جزيرة العرب وأن جزيرة العرب منشأ الحضارة البشرية ". واستطرد:" لنجاح هذه المشاريع الطموحة لا بد من الاستعانة بتقنيات المسح الجيوفيزيائي مثل تلك المستخدمة من قبل شركات النفط وشركات التعدين، وطرق المسح الرادارية، والاستشعار عن بعد، فهي تُيسر عمليات التنقيب، وتساعد في الكشف عن الآثار المدفونة، كما يجب الاستفادة من الخبرات الوطنية المتمثلة في الجيولوجيين، والرحالة، وهواة المشي، وراكبي الدراجات، وغيرهم ممن لديهم الكثير من المعلومات التي تساهم في تحقيق مشاريع وأهداف المسح". "أسس علمية" وأكد الدكتور فهد بن صالح الحواس -أستاذ العمارة والفنون الإسلامية- أن أعمال الكشوفات الأثرية تتمحور أهميتها حول معطياتها الحضارية التي تفسر قيمتها التاريخية، وقال:" إذا تتبع عالم الآثار الأسس العلمية في دراسة المكتشفات الأثرية فإنه حتماً سوف يصل إلى قيمة هذا الأثر المكتشف، كما أن اكتمال الظاهرة الأثرية سواء الثابتة أو المنقولة تمثل أحد أهم الأسس التي تبنى عليها أهمية المكتشف الأثري". مؤكداً أن المكتشف الجديد بقيمته العلمية سوف يساهم في قراءة جانب مهم من تاريخ وحضارة الوطن، ويضيف للأرشيف الآثاري، رغم تفاوت أهمية المكتشف حسب الموقع والمنطقة المحيطة به، وحجم المعلومة المتوفرة. وأضاف: "من المعروف أن التقنيات العلمية الحديثة لها أهمية كبيرة، فهي توفر الجهد والمال على الدارس وتسرع من وتيرة الكشف، وتقود إلى نتائج علمية مهمة قبل البدء في عملية التنقيب، وبالتالي فإن كل التقنيات باختلاف أنواعها ومهامها إحدى أهم الأدوات الفاعلة التي تسهم في قراءة الأثر قبل التنقيب عنه". "قيمة الأثر" ومن جانبه يرى الدكتور سلطان الصالح- مستشار التراث الثقافي بالجمعية السعودية للمحافظة على التراث- أن هناك العديد من الأسس والمعايير التي من خلالها تتفاوت أهمية المكتشف الأثري، وقال:" من معايير قياس المكتشف الأثري، الحقبة الزمنية التي يعود لها، والحضارة التي يمثلها، وإثباته لحقيقة تاريخية، وقدرته على القراءة الأثرية للماضي وربطه مع المواقع الأثرية المجاورة". ولم يغفل أهمية الأدوات والتقنيات المستخدمة في المسح الأثري، وخبرة الفريق الذي قام بالاكتشاف والمنهجية العلمية المتبعة، وأخيراً التحليل التاريخي والاثنوجرافي للمكتشفات الأثرية كأسس لتحديد أهمية أي مكتشف أثري. مشدداً على ضرورة منح الفرصة للباحثين والمهتمين بالحصول على قراءة متعمقة في ماضي وتاريخ الموقع الذي يتم اكتشافه، وربطه بمكتشفات أثرية أخرى، مما يعزز ويوثق الثراء والعمق الحضاري للمملكة. د. عبدالعزيز بن لعبون د. فهد الحواس د. سلطان الصالح