أسفرت نتائج الدراسة والتنقيبات الأثرية التي أجرتها البعثة السعودية الفرنسية في جزيرة فرسان بمنطقة جازان، عن عراقة المنطقة التاريخية وتجذر حضارتها عبر حقب التاريخ المختلفة. وقالت د. سولين ماريون، اختصاصية علم الآثار القديمة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، ورئيسة الفريق الفرنسي في البعثة السعودية الفرنسية للتنقيب عن الآثار بمنطقة جازان: «إن الاكتشافات الأثرية أكدت أن جزيرة فرسان تمثل منطقة مأهول بالسكان والاستيطان البشري منذ عصور ما قبل التاريخ، وأوضحت أن دراسة الفريق والتحققات الميدانية التي تم إجراؤها كشفت عن وجود (30) موقعاً أثرياً منذ عصور ما قبل الإسلام والفترات اللاحقة، مشيرة إلى عدد من المستوطنات، وبقايا الحيوانات مثل العزلان والأبقار والخيول والسلاحف، ومعثورات مختلفة بما فيها النقوش العربية القديمة إلى جانب المعثورات التي تعود إلى الفترة الرومانية والتي تؤكد عراقة المنطقة، وقالت: إن مصادرنا تشير إلى أن جزيرة فرسان ومنذ العصور القديمة المتأخرة كانت معروفة وحافلة بالأنشطة الثقافية والتجارية في مناطق البحر الأحمر الجنوبية، جاء ذلك في المحاضرة التي نظمها مركز البحوث والدراسات الأثرية واستضافها المتحف الوطني، عن المكتشفات الأثرية في جزيرة فرسان بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي بحضور السيد آزرين، نائب المستشار الثقافي بالسفارة الفرنسية، ومشاركة عدد من المسؤولين بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وعلماء آثار مختصين ومهتمين من داخل المملكة وخارجها. وقالت دكتورة سولين: ستواصل البعثة أنشطتها الاستكشافية والتنقيبية، في إطار الاتفاقية الموقعة مع الهيئة، وستشهد الفترة القادمة مواصلة المسح الأثري وإنتاج خريطة لجزيرة فرسان وتراثها عبر الحقب المختلفة، وتوثيق ذلك عبر كتيب ثقافي يعرِّف بعراقة جزيرة فرسان، كما تشمل برامج المرحلة المقبلة، تدريب الطلاب السعوديين والفرنسيين ميدانياً على إيدي مختصين في مجالات الحفريات الأثرية والرسم الفني، والتصوير والتسجيل الذي يفضي إلى توثيق متكامل لإبراز مكانة وتاريخ هذه المنطقة. من جانبه قال د. عبدالله بن علي الزهراني، مدير عام مركز البحوث والدراسات الأثرية، بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والذي أدار المحاضرة: «إن منطقة جازان سبق أن خضعت لأعمال أثرية مكثفة، وثقت لأبحاث علمية سعودية دولية لعلماء ومختصين في مجال الآثار من دول العالم المختلفة، أكدت أن هناك هجراتٍ واستيطانا بشريا شهدته هذه المنطقة عبر العصور المختلفة، معددا أبزر إنجازات تلك البعثات؛ ومنها البعثة السعودية البريطانية بالتعاون مع جامعة يورك والتي ركزت على مسح مواقع عصور ما قبل التاريخ على اليابسة بالإضافة إلى مسح أثري بحري تحت الماء بجزيرة فرسان، لافتاً إلى أن مشروع البعثة يهدف إلى تفسير البنية الجيولوجية والتضاريس وعوامل جذب الهجرات البشرية نحو جزيرة فرسان عبر الحقب التاريخية المتعاقبة. جزر فرسان شهدت حضارات متعددة عبر التاريخ