تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي التي قطعت خطوات وقفزات واسعة على مدى العقد الأخير، حالياً في قطاعات متعددة كتسريع تطوير الأدوية ودعم المركبات ذاتية القيادة ومساعدة مديري الموارد البشرية على إنجاز عمليات التوظيف بفعالية أكبر، وبفضل الذكاء الاصطناعي، باتت الشركات والحكومات قادرة على تحليل مقادير ضخمة من البيانات بسرعة أكبر من ذي قبل، ولكن مخاطر اختراق السرية تزداد أيضاً بازدياد حجوم البيانات. منهجية واعدة وفي هذا الصدد، يساعد أستاذ علوم الحاسب الآلي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) بيتر ريتشتاريك على تطوير نماذج للذكاء الاصطناعي يمكنها التعلم من مجموعات البيانات دون التفريط بسريتها، حيث تعد تقنية «التعلم الموحد» من منهجيات الذكاء الاصطناعي الواعدة في الحفاظ على السرية، ويحسّن هذا المفهوم، الذي اشترك في وضعه ريتشتاريك مع باحثي غوغل، فعالية التواصل مع الحفاظ على السرية، وذلك بقلب المنهجية التقليدية للذكاء الاصطناعي رأساً على عقب. فالمنهجية التقليدية في تعلم الآلة تتمثل في جمع كافة بيانات التدريب في مكان واحد كخادم سحابي مثلاً، ورغم أن ذلك يسهل تدريب النموذج على البيانات، غير أنه يزيد أيضاً من احتمال تعرض البيانات لانتهاك السرية والأمن، أما في «التعلم الموحد»، فلا تخزن مجموعات البيانات مركزياً بل تبقى منفصلة، وتتم عملية تعلم الآلة عن طريق ارتباط سائب بين الأجهزة المشاركة ينسقه خادم مركزي، وفي حال اختراق أمن البيانات، يعزل الخطر في أحد الأجهزة فقط. إمكانات ضخمة ما زال «التعلم الموحد» في مراحله المبكرة ولكنه يبشر بإمكانات ضخمة. فقد اعتبرته مجلة فوربس مؤخراً من المجالات الثلاثة الأكثر أهمية في تطوير الذكاء الاصطناعي، كما أن السنوات العشرة المقبلة ستكون بالغة الأهمية. وللتعلم الموحد مزايا عملية أيضاً بعيداً عن زيادة خصوصية المستخدم. فمثلاً، يمكن للمركبات ذاتية القيادة العاملة بالذكاء الاصطناعي الاستفادة من تقنية التعلم الموحد في تجنب عوائق الطريق كالحفر بسهولة. وباستخدام معلومات من كافة السيارات التي تحيط بها، يمكن للمركبة ذاتية القيادة أن تتخذ قرارات أفضل لتجنب الحفر وزيادة سلامة الركاب. فرص تعليمية ترتكز أبحاث ريتشتاريك على مبادرة الذكاء الاصطناعي في «كاوست»، وهي برنامج توعية بالأبحاث والتعليم أطلق في 2018. ومن خلال هذه المبادرة، أسهم ريتشتاريك وباحثون آخرون في ترسيخ مكانة «كاوست» باعتبارها مؤسسة أكاديمية رائدة إقليمية في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة مع ضمان مساحة للفرص التعليمية للجيل المقبل من الخبراء الذين يرتقون سلم النجاح في الجامعة. تعلم الآلة وأكّد بيتر ريتشتاريك، «باتت حماية البيانات التي تعتمد عليها فعلياً نماذج تعلم الآلة هذه أكثر أهمية»، تزامناً مع التأكيد على أنّ «التعلم الموحد» عندما يقترن بالتقنيات الأخرى للحفاظ على السرية كالسرية التفاضلية والتشفير التماثلي سبيلاً إلى فتح الآفاق الهائلة للذكاء الاصطناعي مع التخفيف في الوقت نفسه من التحدي الشائك لسرية البيانات». بيتر ريتشتاريك «التعلم الموحد» يعزل مخاطر الاختراق ويفتح آفاقاً هائلة للذكاء الاصطناعي