أيام قليلة تفصلنا عن نهاية عام مختلف عن أعوام مضت لا يشبها في الليالي ولا في اللحظات يكاد يكون عام طويل في لياليه قصير في لحظاته التي باتت تتشابه في أغلب الأوقات عندما ساد العالم كابوس مخيف ساوى بين الليل والنهار في الأحداث وأطال لحظات الانتظار لبزوغ الأمل بين ترقب وتخوف وحرص وتيقظ. ولكنه لا يخفي علينا جميعا أنه كان عاما تعلمنا فيه من الدروس أحكمها وأمثلها وكثير منا لم يتعلمها في سنوات طوال لتختصرها أيام كهذا العام بدروسه وحكمه. ولا ننكر أنه عام تفتحت به عقولنا على بواطن النعم وظواهرها كنا غافلين عنها ومعتادين عليها واستشعرنا قيمها عندما خرجت من يدينا الأمور وبات الأمر السهل المستساغ صعبا عسيرا. عام أُثبت فيه أن لا قيمة تقف صامدة أمام قيمة الصحة والمكوث بعافية وأن الإنسان ما هو إلا كائن ضعيف يقف عاجزاً أمام كائن مجهري يخترق قواه ويهين علمه وحضارته في لمح البصر ويقفون جميعهم صاغرين أمام قدره الخالق على أن يُفنيهم جمعيا أو انتصار أحدهم على الآخر في حرب ضروس دامت طوال هذه السنة الشديدة حتى بدت مطالع النصر تتضح للعيان بفضل من الله وكرمه. وفي هذا العام زُرع بصيص من الأمل والإيمان بأهمية المهن والقوى العاملة وأصبح الجميع يُدرك أن ما هو في يدك اليوم قد تتمناه غدا فلتتمسك به ونحرص كل الحرص على تطوير المهارات الحرفية واليدوية وأن تُسقي بذره العلم بالصبر والمهنية وندرك أن لا قيمة للفرد دون الجماعة ولا قيمة للجماعة دون الفرد المتمدن المتعلم المتقن لعلمه ومهنته ولدوره المهم في دفع مسيرة الحياة نحو الأمام وإلى القمة دائماً. وعلى سبيل الحياد في الجانب المشرق من هذه العام هناك قصص وحوارات نرويها للأجيال القادمة وكيف تكاتف الوطن يدا واحدة ليقف جنبا إلى جنب داعمين بعضهم البعض ليقيلوا عثرات من تعثر خلال المواجهة ولنحكي قصصا أسطورية كيف انشغل العالم عن حروبهم ونزاعاتهم الأبدية ومؤامراتهم الدموية بالنزاع من أجل الحياة وفقط الحياة ولنخبرهم كيف حُرم الناس حريتهم في الحياة من أجل الحياة. نترقب شمس عام تزدهر فيه القلوب وتعتصر العيون فرحا بدموع سعادة تغرق ذكريات الألم في غياهبها ليمحو ألم الخوف ووحدة الوجع والرغبة في البقاء. سمية المحمود