رواية ليلى السواد. للكاتبة: خديجة لوكريف، رواية اجتماعية واقعية للمجتمع العربي المتشظي في دواخله وفي بلدان الاغتراب (أوروبا)، يضاف لها معاناة وألم الغربة والشوق الدائم والمستمر للوطن الأم، وتعبر بصدق عن أحاسيس الحزن والحنين مع صعوبة التأقلم ليس مع المجتمع الغربي فقط ولكن مع الزوج (صاحب الظل) المغرور والمتعالي على زوجته (ليلى) فأنتج ذلك حالة من الجفاء والنفور، وعندما سألها « لم لا تحبينني؟ فأجبته؛ لأنك دائماً تختار نفسك، وتستعمل كبرياءك في كل التفاصيل... اعلم أن الكبرياء في غير محله مقبرة العلاقات وأنت تحب نفسك على حساب حزني ذاك ما أكرههُ فيك». وحصل الانفصال بعد وفاة الأب (صاحب اللحية البيضاء) وتعود إلى أرض الوطن. أدخلت الكاتبة وسيلة (الفيس) كأداة مثيرة للقصة وارتبطت بالوسيلة وبأصدقاء فضائيين كتعويض عما فقدت من الحُب والرومانسية، ولتسبح فيه بكل حرية وحتى وقعت في شباك الحُب مع الشاعر (يوسف) وابتدأت (حرب الحروف) بينهما حتى وصلت إلى مرحلة جديدة، وصعبة في تقييمها ومدى جديتها ونسبة نجاحها نظراً للتباعد الجغرافي والجسدي بينهما. «كنت أنصت إليه وقلبي يكاد أن يخرج بين ضلوعي، فصوته ترياق روحي، كانت كل قطعة مني تصرخ وتقول (أحبك) إلا لساني لم ينطقها، لا أدري لماذا؟ هل كبرياء مني أو خوفاً منه أو هروباً من عالم (الفيس) المخادع... والأيام تمر ونافذة الأماني دون ستائر، وضجيج الشوق يأبى أن ينطوي كثورة غضب خلف القضبان، أجاهد نفسي كمن تحمل ماءً تخاف أن يتسرب من يديها حتى تبقى قطرة عقيمة لا تنجب سوى الحرمان، فكيف أقتل شغفاً يسكن ثامن المستحيلات، فهي ليست مسألة مسافات فقط بل الأمر معقد كأحلام لا تفسير لها ولا تمر بسلام». أبدعت الكاتبة بلغتها الشاعرية الجميلة وخصوصاً في البوح والتعبير عن مشاعرها المتلاطمة والمتصارعة بعد أن دخل الحُب وحرك الروح الساكنة الراكدة وتعالت الأمواج بين مده جزري لتجنب حروفاً بعدد زبد البحر، وأجمل من غروب الشمس وأحزن من سواد الليل، كان حقاً شعورٌ لم يسبق أن أحسسته، كالمتطفل في روحي يحاول زعزعة قوانيني وإفساد هدوئي بين غربة النفس والمكان، أرواح تستأذن كل مساء لترسم لها لوحات من الخيال لتهدأ أرواح لم تنعم بماض ولا رضت بحاضر، ولا بمستقبل لها تجلى، لتصب كل الأزمنة في نبع العمر الذي ظاهره غير باطنه، فيه قلوب تشقى وعقول تسعى وأجساد جامحة، نرى الحُب شقاء مع أنه شعور بشغف متوهج واشتياق وحنين ونشوة ونبضات وخدر في الأجساد، كغيبوبة ممتعة لا نريد أن نصحو منها ومقابلها ألم، ووجع وجرح وشجن وسهاد وأرق وأيضاً ذنوب، تلك الأشياء ضربية ندفعها من أجل مكاسب الروح والبدن. هي رواية البطل الواحد (ليلى) وبقية الشخوص أقارب يدورون في فلك قصتها الدرامية، لإضافة مزيد من السواد على حكايتها ومعاناتها مع أنوثتها ووطنها ومجتمعها الذكوري، وما يحكمه من عادات وتقاليد صارمة. وبرغم قصر الرواية إلا أنها عبرت ضمن المسموح به عن معاناة الجنس الأنثوي في الأوطان العربية أو حتى في الغربة المؤقتة بصورة حزينة وأليمة، وقد لجأت الكاتبة الشاعرة إلى الشعر للتأكيد على عروبتها كأفضل مجالات الفنون للتعبير عن المشاعر.