ذكاء الإنسان لا يتأثر بالعوامل الوراثية فحسب، بل الاجتماعية أيضًا وأحسب أن الثانية تفوق في تأثيرها على الأولى بحيث، الاختلاط بالمجتمع، التجربة، الخطأ والتعلّم، كلها عوامل تنمي ذكاء الفرد وتوسع من خبرته في الحياة، فالانعزال الطويل عن المجتمع يؤثر بالسلب على سلوك الفرد وعلى كافة عناصر تواجده بما ينعكس عليه بالقصور الاجتماعي. يشار إلى مفهوم العزلة على أنها انفصال الفرد وقلة تفاعله بما يتضمنه ذلك من عدم انتماء ولا مبالاة وشعور بالتباعد بين ذاته وذوات الآخرين. ويرى العديد من علماء النفس أن قلة الاحتكاك الإنساني تعتبر عاملًا رئيسا بالشعور بالوحدة والعزلة، رغم أن الشعور بالحاجة إلى العزلة هو جزء طبيعي من حالة الإنسان، لكن عندما تتحول تلك العزلة المؤقتة إلى أسلوب حياة بالكامل، هنا تكمن الفجوة التي قد تدل على ضعف في شبكة العلاقات الاجتماعية ونقص في التفاعل الاجتماعي الذي يعكس بدوره نوعا من القصور في المهارات الاجتماعية للفرد. وكما أن طبيعة تفاعل الفرد مع الجماعة التي ينتمي إليها ويكتسب من خلال هذا التفاعل القيم والاتجاهات ويكون عاداته ويتعلم أساليب السلوك المختلفة، ويتحدد من خلال هذا التفاعل مدى تماسك الجماعة ومدى الأثر الذي ستتركه لدى الفرد فإنه حينما تختل علاقات الفرد بأعضاء جماعته ينتج عنها نقص في التفاعل الاجتماعي فينفصل بعيدًا أو يعيش في عزلة. إن ما يميز العلاقات الإنسانية هو التماسك الاجتماعي والتجاذب بين الأفراد فهذه تعد من أهم العوامل التي تدفع بالفرد إلى كونه بالفطرة جزءا أساسيا ومكونا لهذه العلاقة التفاعلية؛ لأن المجتمع هو المسؤول عن الجزء الأكبر فيما يخص إكساب السلوكيات وخلق التوجهات حسبما توافق عليها الجماعة ويرتضيها المجتمع. حيث يتعلم كيف يعدل من تصرفاته ليتمكن من البقاء والاستمرار داخل مجتمعه. كما أن الجزء الأهم من خبرة الإنسان يتم اكتسابها عن طريق التعامل مع مختلف الشخصيات. يجب أن نتعلم التواصل مع الآخرين بطريقة نشعر فيها بالأمان والرضا، وبما يعيننا على ممارسة المهارات الاجتماعية وتطويرها، وإن تخصيص جزء من الوقت والاهتمام في مساعدة الآخرين من الأمور التي تبعث على الراحة في النفس وتزيد من الرغبة تجاه التفاعل الاجتماعي وهذا ما قد يجعلنا نشعر بالسعادة والثقة.