تُغذي بعض الأُسر "التعصُّب" في نفوس الأبناء، من خلال غرس جذوره في أجواء المنزل، وبالتالي يتنفسها الطفل في حياته اليومية، وهو ما يؤدي مُستقبلاً إلى زرع الخلاف بين أفراد المجتمع الواحد، وكذلك زعزعة اللُحمة، والقضاء على تناغم النسيج الاجتماعي، وهنا لابد من توعية كافة مؤسسات المجتمع بضرورة تفعيل الجانب الوقائي لاستمرارية وحدة المجتمع، من خلال إيجاد الانسجام والتفاعل الايجابي بين الأفراد، والبعد عمّا يُسهم في إثارة الضغائن، كما أن للجامعات والمؤسسات التربوية دورا كبيرا في التخفيف من حِدَّة هذه الظاهرة، بتوفير برامج تربوية هادفة ذات شراكة مجتمعية، إضافةً إلى العمل على تقوية ثقة الطالب بزملائه وتخفيف النظرة التعصبية تجاه الآخرين، من خلال العمل على تكوين فرق رياضية أو ثقافية أو اجتماعية وبرامج تطوعية تنموية تُساهم في تخفيف حِدَّة الآثار الناتجة. أشكال متعددة وقالت "أ. د. سلمى عبد الرحمن الدوسري" -أستاذ تنظيم مجتمع- :"مفهوم التعصُّب قد يأخذ أشكالاً متعددة تؤثر في تماسك المجتمع، حيث قد تكون على صورة اتجاهات أو قيم أو أنواع من الثقافات والنشاطات لدى مجموعات من المجتمعات"، مُضيفةً أنَّ العديد من المُفكرين أعربوا عن قلقهم المتزايد إزاء ظاهرة التعصب، والتمييز، مُوضحةً أنَّ العديد من المفكرين يرون أنَّ جوهر إشكاليات ذلك يكمُن في نوعية العلاقات التي تربط بين الأجناس والفئات الاجتماعية، مُشيرةً إلى أنَّ مفهوم التعصب من المفاهيم المركبة التي تزخر بها أدبيات العلوم الإنسانية، لافتةً إلى أنَّه يتبنى الأفكار السلبية عن الآخرين دون أن تتوفر دلائل كافية لتبرير ذلك. الانعزال احدى نتائج البُعد عن أفراد المجتمع تنشئة اجتماعية وأوضحت أنَّ العديد من النظريات أثبتت أنَّ معظم الأطفال يكتسبون الاتجاهات الايجابية والسلبية من داخل الأسرة، وذلك أثناء عملية التنشئة الاجتماعية، مُوضحةً أنَّ الأسرة قد تُكسِب الأطفال اتجاهات أو آراء مُعينة عن جماعات أو أفراد آخرين، مُشيرةً إلى أنَّ الأطفال قد يكتسبون ذلك نتيجة سماعهم توجيهات من أشخاص آخرين مؤثرين في حياتهم، لافتةً إلى أنَّ اتجاهات الأطفال التعصبية تكون عادةً قريبة من اتجاهات الأبوين، ذاكرةً أنَّ بعض الآباء قد يعملون على تكوين صورة ذهنية سلبية لدى الأطفال عن بعض الأفراد أو المجتمعات، ممَّا يجعلهم يعتقدون أنَّهم أقلَّ منزلةً، وبالتالي يجنحون نحو عدم التعامل معهم أو الاحتكاك بهم، خاصةً في ظل انفتاح الفضاء وامتلاك الأطفال لوسائل "التكنولوجيا" الحديثة بشتى أنواعها. فهم الآخرين وبيَّنت أنَّ تباعد الناس عن بعضهم وجهل كل طرف بالطرف الآخر يهيئ الفرصة لعدم فهم سلوك الآخرين بصورة ايجابية، مُضيفةً أنَّ عدم التواصل الايجابي يُساهم بشكلٍ كبير في تكوين اتجاهات سلبية نحو الآخرين، مُوضحةً أنَّ أسباب تعصُّب الأطفال تعود بدرجةٍ كبيرةٍ إلى غياب أسلوب الحوار الإيجابي داخل الأسرة والمدرسة، وتنشئة الأسرة للأبناء على الشعور بالحب أو الكراهية المُجرَّدة دون التفكير في ما قد ترسمه الأسرة في نفوس الأبناء من اتجاهات نحو الآخر، من خلال ما تصبه في القوالب العقلية لهم من إرشادات وإيماءات وتحذيرات حول مواقف معينة أو جماعات أو اتجاهات أو قيم بعينها، إلى جانب الأنانية العقلية والنفسية، لافتةً إلى أنَّ المتعصب لا ترتكز قناعاته على الحب تجاه أيَّة موقف أوأيَّة جماعة، وإنَّما على الجانب المعاكس من ذلك وهو الكراهية، مُؤكدةً على أنَّ للعوامل الثقافية أهمية كبرى في تغذية مفهوم التعصب. المنزل هو من يزرع النظرة السوداوية في نفوس الأطفال رؤية الواقع وأشارت إلى أنَّ بعض المفكرين العرب يرون أنَّ التربية الأسرية في الدول العربية تُغذِّي قيم "التعصُّب" في نفوس الأبناء، حيث تعمل على غرس جذورها في أجواء الأسرة والمجتمع، وبالتالي فإنَّ الطفل يتنفسها في حياته اليومية، مُضيفةً أنَّ "المُتعصِّب" ليس لديه القُدرة على رؤية الواقع بصورته الحقيقية؛ لكونه لا يرى إلاَّ ما يميل إليه ويكون ظاهراً أمام ناظريه، وبالتالي فلن تكون لديه رؤية صادقة عند إصدار الأحكام على الآخرين، مُوضحةً أنَّ "التعصُّب" يعمل على زرع الخلاف بين أفراد المجتمع الواحد، ويُزعزِع اللُّحمة، ويقضي على تناغم النسيج الاجتماعي، وكذلك تقليل فرص التواصل المثمر، وتغيير الحقائق بوضعها في صورة تُنافي صورتها الحقيقية، إضافةً إلى تزييف المواقف من خلال عدم القدرة على إصدار القرارات السليمة في حق الآخرين، وحرمان المجتمع وأفراده من التقدُّم والرُّقي؛ نتيجة انحياز الشخص لآرائه وأفكاره، دون أن يأخذ بآراء وأفكار الآخرين. إيجاد برامج تعاونية بين الأطفال مهم جداً عدة أنواع وأوضحت أنَّ ل "التعصُّب" أنواعاً عديدة، ومنها: التعصُّب الفكري، والتفكير بطريقة ترتكز على إلغاء الرأي الآخر ورفض مناقشته، والتفكير بطريقةٍ أُحادية، وكذلك التعصُّب الرياضي، من خلال ميل الشباب إلى تشجيع فرق رياضية بعينها وعدم تقبلهم لأيَّة نقد يوجه لتلك الفرق؛ الأمر الذي يُفقد هذا الجانب جماليته ويؤدي إلى إثارة النعرات بين الشباب، وعدم استمتاعهم بقضاء أوقات مفيدة في هذا الجانب، مُشدِّدة على ضرورة علاج هذا التوجُّه لدى الشباب بكافة السُبُل المُتاحة، مُضيفةً أنَّ من أنواع التعصُّب أيضا التعصُّب الاجتماعي المُرتكز على أساس الطبقية، حيث أنَّه يعمل على زرع الفُرقة والتباعد بين أفراد المجتمع، ويؤدي إلى ظهور العديد من المشكلات كالتفرقة وانتشار المشاجرات والجرائم، وكذلك تقليل فرص اندماج أفراد المجتمع في نسيج واحد ليستفيد كُلَّ فرد من الآخر، ومنع تعاونهم في التصدِّي للدُّخلاء، إضافةً إلى ظهور بعض المشكلات الاجتماعية، ومن أبرزها الزواج والطلاق. لعبت التقنية دوراً كبيراً في تعزيز التعصب توعية الطلاب ولفتت إلى أنَّ ظاهرة "التعصُّب" كانت من الصفات الجاهلية قبل الإسلام، ومن ثمَّ فإنَّها تلاشت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلَّم، مُضيفةً أنَّها ما لبثت أن عادت للظهور من جديد في أعقاب وفاة الرسول عليه السلام؛ نتيجة ابتعاد البعض عن تعاليم الدين الإسلامي، مُوضحةً أنَّ العديد من الناس بدأوا في التخلِّي عن "التعصُّب" في عصرنا الحالي؛ نتيجة انتشار العلم والمعرفة بين معظم أفراد المجتمع، في حين لا يزال هناك آخرون يتشبثون بهذه العادة البغيضة، مُشدِّدة على ضرورة توعية هؤلاء بالآثار السلبية الناتجة عنها. وأضافت أنَّ هناك مشكلةً تتعلَّق بالدور الذي من المفترض أن يلعبه الجانب التربوي في هذا الجانب، وذلك على مستوى التعليم العام والعالي، من حيث توعية الطلاب بمفهوم "التعصُّب"، وتوجيههم التوجيه الأمثل في كيفية التعامل مع الآخرين، وإكسابهم التوجُّهات الايجابية نحو الآخرين، ومساعدتهم على توجيه انفعالاتهم وانتقاداتهم تجاه زملائهم وتعديلها، وكذلك العمل على إيجاد علاقة قوية بين المدرسة والمنزل للتخلص من هذه المشكلة، وتعليمهم مهارة الصداقة، ومحاكاة السلوك السوي، إضافةً إلى العمل على تقوية ثقة الطالب بزملائه وتخفيف النظرة التعصبية تجاه الآخرين، من خلال العمل على تكوين فرق رياضية أو ثقافية أو اجتماعية وبرامج تطوعية تنموية تُساهم في تخفيف حِدَّة الآثار الناتجة عن تلك الرؤيا. جوانب وقائية وذكرت أنَّه يجب العمل كذلك على توفير جوانب وقائية تساعد على عدم ترسيخ تلك التوجهات لدى الأطفال، وتوعية كافة مؤسسات المجتمع بضرورة تفعيل الجانب الوقائي لاستمرارية وحدة المجتمع ولحمته؛ من خلال إيجاد الانسجام والتفاعل الايجابي بين الأفراد، والبعد كل البعد عما يُسهم في إثارة الضغائن، وكذلك العمل بمختلف الوسائل والإمكانات المتاحة ثقافياً وإعلامياً وتربوياً على بناء الإنسان وتنمية وعيه بروحٍ تسامحيَّه، إضافةً إلى تعزيز قيم السلام والحق والخير والعدل والجمال إلى حق الآخر في العيش بكرامةٍ وعِّزة. وشدّدت على أهمية الدور الكبير الذي من الممكن أن تلعبه الجامعات والمؤسسات التربوية والاجتماعية للتخفيف من حِدَّة هذه الظاهرة، وذلك بتوفير برامج تربوية هادفة ذات شراكة مجتمعية، أو ما يُعرف بشراكة مجتمع الطلاب على اختلاف مشاربهم ومناطقهم، إلى جانب توفير بعض البرامج التربوية والثقافية والتطوعية والأمنية. د. محمد القحطاني *د. القحطاني: الطفل يتأثر بتصرفات الآباء ويحاول تقليدهم على أرض الواقع التنشئة السلبية أحد أسباب التعصب..! اعتبر "د. محمد بن مترك القحطاني" -عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- أنَّ "التعصُّب" مشكلة تُعاني منها العديد من المجتمعات، سواءً في الدول المتقدمة أو حتى الدول الأقل تقدماً، مُضيفاً أنَّ "التعصُّبً شعور داخلي يجعل الفرد يرى نفسه أنَّه على حق بينما يرى أنَّ الآخرين على باطل أو على خطأ، وذلك بدون سبب واضح أو برهان. وأوضح أنَّ "التعصُّب" لدى الأفراد يظهر نتيجة عوامل عديدة منها "التنشئة السلبية"، حيث قد يَتعلم الطفل أن يتعصَّب ضد فئة معينة من الناس، بسبب ملاحظته لسلوك الوالدين، مُشيراً إلى أنَّه عندما يظهر على أحد الوالدين سلوك معين فإنَّ الطفل يلاحظ هذا السلوك ويحاول تقليده، فمثلاً عندما يتعصب الأب ضد أقليَّة معينة من الناس، أو ضد فريق كروي معين ويهاجمه بشراسة وبدون وجه حق فإنَّ الطفل سيُلاحظ ذلك، وسيعمل على تقليد والده وممارسة التعصب. وأشار إلى أن الأمر يزداد سوءاً في حال عمد الأب إلى تعليم ابنه مفهوم "التعصُّب" عن وجه قصد، وحينها قد ينشأ الابن متعصباً بدرجة أكثر من والده أو والدته، كما قد تنمو لديه في المستقبل شخصية متعالية -تضخيم الأنا- ترى نفسها أفضل وأعلى من الآخرين، مضيفاً أنَّ لطريقة التفكير والتعنُّت الذهني دور كبير في عملية "التعصُّب"، فمثلاً عندما يتعلَّم الفرد أن يُفكر بطريقة معينة وهي أنَّه الأفضل وأنَّه الأصح دائماً وأنَّه هو من يفهم وغيره على خطأ بدون مبرر؛ فإنَّ ذلك سيُسبِّب لديه مشكلة كبيرة، وهي "التعصُّب الذهني أو الفكري"، الذي هو عبارة عن إلغاء رأي الطرف الآخر والتفكير في بُعد واحد فقط، وحينها لن يستطيع الفرد أن يَضع نفسه مكان الآخرين، ولا أن يتقبَّل رأيهم أو أفكارهم؛ لأنَّه متعصب ومنغلق فكرياً. وأوضح أنَّ ذلك يُعدُّ أشد أنواع "التعصُّب"، خاصةً إذا كان في الجانب العلمي أو التربوي، لافتاً إلى أنَّ هناك عوامل نفسية قد يكون لها دور مباشر أو غير مباشر في "التعصُّب" ومن ذلك الشعور بالنقص، وهو شعور الفرد بأنَّه سلبي وأقل من الآخرين؛ وذلك بسبب ضعف ثقته بنفسه وعدم تعزيزه وتشجيعه من قبل الوالدين. وذكر أنَّ القلق النفسي عبارة عن شعور الفرد بعدم الأمان نحو مثيرات معينة، حيث قد يؤدي إلى الوقوع في "التعصُّب"، فمثلاً عندما يَشعر الفرد بتوتر نفسي تجاه فئة معينة من الناس فقد يَتعصب ضدهم بشكل عام وبطريقة لا شعورية، ويُعمِّم حُكمهُ السلبي على جميع هذه الفئة دون مُبرِّر واضح، مُؤكِّداً أنَّ ضعف أو انخفاض تقبل الذات قد يؤدي إلى "التعصُّب" بأنواعه المختلفة، حيث أشارت العديد من الدراسات النفسية أنَّ الفرد الذي لا يتقبل نفسه لا يتقبل الآخرين. لا بد من غرس القيم التي تدعو الى التعاون والإخاء وبيّن أنَّ هناك أضراراً عديدة ل "التعصُّب"، منها أنَّه يجعل الطفل أو الفرد ينفصل عن الواقع بحيث لا يُعطي الأمور حقها واقعياً، فيتحيَّز لفئة معينة من الناس ضد فئة أخرى، ويُسبِّب نزاعات مع الآخرين دون وجه حق، ويُقلِّل من مهارات التواصل الاجتماعي الناجحة مع الآخرين، وعندها يُصبح الطفل أو الفرد غير مرغوب فيه، لافتاً إلى أنَّ الإنسان المُتعصِّب قد يتعرض لمواجهة قوية مع المجتمع، فمثلاً عندما يَتعلم الطفل ممارسة التعصُّب الرياضي، فإنَّ ذلك قد يُسبِّب له إشكالية ومشاجرة مع زملائه ومع الأطفال الآخرين وقد يُصبح منبوذاً بينهم، الأمر الذي سيعود سلباً على نفسيته؛ فيُصبح الطفل بلا أصدقاء وقد يُشعر بالانطواء والوحدة في المستقبل. وأشار إلى أنَّ هناك بعض النصائح أو التوجيهات التي تساعد على تفادي "التعصُّب" وهي التربية الحسنة القائمة على حب وتقبل الطفل وغرس القيم الدينية الإسلامية في نفسه، مُشدِّداً على ضرورة تعليم الأبناء أنَّ "التعصُّب" منهِّيٌ عنه في الإسلام، مُؤكِّداً أهمية وجوب الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ضرورة أن يكون الآباء نماذج جيدة بلا تعصب أمام أبنائهم، بحيث يَتعلمون السلوك الجيد ويبتعدون عن "التعصُّب" بأنواعه المختلفة. وأضاف أنَّ للمدارس دورا فاعلا في التقليل من التعصُّب، وذلك من خلال جعل الطلبة يَعملون في مجموعات حتى يتم التعاون بينهم، مُقترحاً تقديم عدد من الحصص الإرشادية للأطفال بمختلف المستويات في المدارس، على أن تهتم بنبذ "التعصُّب"، وغرس القيم الإسلامية الحسنة، وإرشادهم إلى الطريق القويم، مُضيفاً أنَّ على وسائل الإعلام أن تتعاون مع الأُسر في نشر التآخي بين أفراد المجتمع، وأن تُبيِّن للجميع الآثار السلبية الناتجة عن "التعصُّب" والتفرقة. د. بندر الشريف *د. الشريف: الإساءة للآخرين خطأ يرتكبه الآباء أمام أطفالهم لا تقلل أو تهمش أحداً وترى الفرق أكَّد «د. بندر بن عبدالله الشريف» -أستاذ علم النفس التربوي المشارك بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة- أنَّ بعض الآباء يشاركون أبناءهم دون علم في غرس «التعصُّب» لديهم؛ وذلك من خلال صور اجتماعية وثقافية ورياضية وغيرها، مُضيفاً أنَّ ذلك يتم أثناء تنشئة الأب لأبنائه، وذلك حين يرى الأبناء أنَّ آباءهم ُيصدرون أحكاماً مسبقة سلبية لا تتسم بالموضوعية، فيجد الابن أباه متحيزاً مع أو ضد فكرة معينة أو أُناس بعينهم أو جنس معين دون الآخر. وأوضح أنَّه نتيجة لمحاكاة الأبناء لآبائهم والمقربين منهم؛ فإنَّهم يتشربون الثقافات التي تكون سائدةً في مجتمعهم، ويبدأون حينها في «التعصُّب» تجاه الآخرين، مُشيراً إلى أنَّ عناية الآباء ببعض الأبناء دون الآخرين يؤدي إلى إحساسهم ب»التعصب». وأضاف أنَّ هناك عديدا من المشكلات التي يمكن أن تنتج عن «التعصُّب»، ومنها ما يتم من تحريف وتشويه مع إساءة للطرف الآخر، مُوضحاً أنَّ ذلك يُعدُّ تعدياً وتجنياً على الآخرين، الأمر الذي يؤدي إلى الابتعاد عن التواد والتراحم والتعايش الايجابي. وأشار إلى أنَّ عديدا من الدراسات المتخصصة أكدت على أنَّ التنشئة على «التعصُّب» ينتج عنها أن يصبح المُتعصِّب أكثر انغلاقاً وحرصاً على أن تكون الغلبة له دوماً، مبيناً أنَّ المتعصبين يشعرون بالوحدة والانعزال نتيجة ابتعاد عديد من أفراد المجتمع عنهم، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز الكُره في نفسيتهم وبناء معتقدات خاطئة عن المجتمع. وبيّن أنَّ علاج «التعصُّب» يتم من خلال علاج معرفي وسلوكي وانفعالي عاطفي، كالتركيز على العقلانية وتجنب الصور النمطية والأحكام المسبقة، وتعويد الأفراد على العدالة ليُكوِّنوا سلوكاً حسناً، وكذلك بناء المشاعر الإنسانية الرقيقة، وتجنُّب التحيُّز، إضافةً إلى التفاعل مع الآخر وتفهُّمه وعدم تهميشه، والنقاش وفق أُسس ودلائل وحجج مناسبة، إلى جانب تعويدهم على التعبير اللفظي، وكذلك غرس القيم الحميدة، ومحاورة الأبناء وتعريفهم أنَّ «التعصُّب» يحدث في شكل حكم متعجل أو حكم مسبق أو تعميم مفرط، أو التفكير في إطار القوالب النمطية ورفض تعديل الرأي، في ظل ظهور دلائل جديدة ورفض السماح أو الاهتمام بالفروق الفردية، مُشدداً على ضرورة التركيز على العلاقات الإنسانية الرقيقة من خلال تقبل الأشخاص الآخرين بمفاهيم إنسانية. يبتعد الطفل عن التعايش الايجابي بسبب النظرة الخاطئة عن الآخرين