نحن الآن في العام 2020 ويستهلك العالم حوالي 100 مليون برميل من البترول الخام في اليوم الواحد. وبعد خمسة وثلاثين سنة سنكون في العام 2055، ولا نعرف الآن بدقة كم سيكون عدد البراميل من البترول الخام التي سيستهلكها العالم في اليوم الواحد حينذاك. لكن نستطيع استقراء المستقبل - إلى حدّ ما - وفقاً لوسائل العلم والمعلومات المتاحة للإنسان الآن، فنحن نعرف الآن أن حوالي 60 % (أي حوالي 60 مليون برميل) من البترول الخام يُسْتهلك في المواصلات (السيارات والطائرات والسفن والقطارات ووسائل النقل الأخرى). كذلك نحن نعرف أن سيارة البنزين قد تبدأ تختفي بُعيد العام 2050، وأن الإنسان قد يتوصل إلى مصدر وقود للمواصلات من غير البترول، وهكذا قد تبدأ تختفي تدريجياً حوالي 60 % (حوالي 60 مليون برميل) من الطلب العالمي على البترول بُعيد العام 2051. السؤال الذي ينبغي أن نعرف جوابه الآن هو: ما مصير حوالي 40 مليون برميل من البترول الخام التي يستهلكها العالم الآن في غير وسائل المواصلات؟، هل ستنمو تدريجياً لكي تُعوض انخفاض طلب المواصلات على البترول؟ أو أنها ستنمو ببطء أبطأ من أن تُعوض الانخفاض في طلب المواصلات على البترول؟. رغم المزايا الفريدة وتنوع الاستخدامات المُتعددة للبترول في مُخْتلف مجالات الحياة اليومية التي يحتاجها الإنسان. لكن قد لا تكون هذه الاستخدامات - رغم كثرتها - كافية لتغطية كامل انخفاض طلب المواصلات على البترول. واضحٌ أن كلامنا المذكور أعلاه يقتصر جميعه حتى الآن على جانب الطلب على البترول بعد العام 2055 لكن ماذا عن جانب العرض للبترول بعد العام 2055؟. احتياطي البترول التقليدي المؤكد (من نوع بترول دول الخليج) الذي يُمكن إنتاجه بتكاليف أقل من 100 دولار للبرميل لا يتجاوز 800 مليار برميل فقط. وهذا يعني لو استمر الإنسان يستهلك البترول على معدله الحالي من غير زيادة وهو 100 مليون برميل في اليوم، فإنه بعد 22 سنة أي في مُنتصف العام 2052 سيضطر الإنسان إلى اللجوء لإنتاج البترول غير التقليدي العالي التكاليف الذي يتجاوز تكاليف إنتاجه 100 دولار للبرميل. صحيحٌ يوجد احتياطيات هائلة من البترول غير التقليدي أضعاف أضعاف البترول التقليدي الموجود في كوكب الأرض. ولكنه قد لا يمكن إنتاجه بالتكنولوجيا المتاحة للإنسان الآن بشكل اقتصادي يجعله مصدرا من مصادر الطاقة البديلة للبترول التقليدي. الخلاصة: نحن لا نلوم الذين يُطالبون بالتحول من مصادر الطاقة الناضبة (البترول والغاز والفحم) إلى المصادر المُتجددة التي لا تتناقص بالاستهلاك. ولكن المُلاحظ أن المطالبين بالتحول يستخدمون مبدأ الغاية تُبرر الوسيلة، فرغم أن غايتهم نبيلة تهدف لتوفير الطاقة المستدامة للإنسان، لكنهم يستخدمون وسيلة الإرهاب لتبرير غايتهم فيتهمون البترول بأنه السبب في ارتفاع درجة حرارة المناخ وبالتالي انقراض الإنسان، لأنهم يعرفون أنهم لا يستطيعون إقناع الإنسان أن يتخلى عن البترول طواعيةً.