ليس من المُستغرب أن تصبح أميركا أكبر دولة منتجة للبترول. فأميركا لديها من احتياطيات البترول المؤكدة التي تؤهلها - كما هو الحاصل الآن - أن تنتج حوالي 12 (وربما أكثر مستقبلاً) مليون برميل في اليوم. لكن من المُستبعد أن تصبح أميركا - كما تزعم بلومبيرج وبعض المحللين الأميركان مؤخرا - دولة مُصدّرة (net exporter) للبترول الخام. أميركا ليست جديدة في عالم البترول. لقد كانت أميركا السّبّاقة (بل الدولة الوحيدة) التي تجاوز إنتاج بترولها الخام المليون برميل عام 1918 (قبل 100 سنة). ثم أخذ ينمو باستمرار سنة بعد سنة إلى أن وصل ذروته 10 ملايين برميل عام 1970. ثم بدأ إنتاج بترول أميركا الانخفاض التدريجي إلى أن وصل حوالي 5 ملايين برميل في العشرة أعوام الأولى من هذه الألفية (2002 - 2012). لكن منذ عام 2012 شجّع الارتفاع الطبيعي لسعر البترول المنتجين للبترول الصخري الأميركي إلى زيادة إنتاجهم بسرعة في الست سنوات الأخيرة إلى أن وصل مستوى غير مسبوق في التاريخ فوصل 11.3 مليون برميل في اليوم في شهر أغسطس 2018. في أحدث إحصائية لإدارة الطاقة الأميركية (eia) استوردت أميركا 7.582 ملايين برميل خام في اليوم (متوسط 4 أسابيع في الأسبوع الأول من ديسمبر 2018). وصدّرت أميركا في نفس الفترة 2.472 مليون برميل خام في اليوم. وهكذا يكون صافي المستورد من البترول الخام (بعد طرح المُصدّر) 5.11 ملايين برميل في اليوم. واضح أنه عندما نقارن الخام بالخام (apples to apples) نجد أنه لا يوجد احتمال أن تتحوّل أميركا - في المدى المنظور - إلى دولة مُصدّرة صافية في سوق البترول الخام. من الطبيعي أن يعجز بترول دول أوبك وحدها من النمو بمعدل يمنع سرعة نمو سعر البترول أن يتجاوز 100 (بل المئات) من الدولارات للبرميل. لقد أصبح إنتاج البترول الأميركي الآن ضرورة لسد الفجوة المتزايدة - سنة بعد سنة - بين العرض والطلب التي يعجز البترول التقليدي وحده أن يملأها. ويجب على دول العالم من خارج أوبك أن تطور حقولها الصعبة عالية التكاليف كي لا يتعرض الاقتصاد العالمي إلى نكسة قبل التمكن من إيجاد مصادر طاقة بديلة تلبي الاحتياج العالمي للطاقة. التحذير الذي يوجهه المحللون الآن إلى دول الخليج بأن ارتفاع سعر البترول سيجعل الصخري يستولي على حصتهم، تحذير مُكرّر - قديم - يُكرّر نفس النغمة في الثمانينات بأن ارتفاع سعر البترول سيجعل بترول بحر الشمال وألاسكا يستولي على حصتهم. خاتمة: لو لم يكن بترول بحر الشمال وألاسكا في الثمانينات. لو لم يكن موجوداً الآن بترول الخليج.