لقد تجاوز إنتاج البترول العالمي - لأول مرة في التاريخ - 100 مليون برميل في اليوم، ومتوقع أن يزداد الإنتاج تدريجياً (تلبية لنمو الطلب) بمعدل نمو متناقص - بسبب الندرة - في المستقبل المنظور إلى منتصف القرن الحالي، أي إلى حوالي العام 2050. السؤال المُلح الذي يواجه العالم الآن بقوة هو، من أين سيأتي إنتاج البترول الذي يستطيع تلبية الاحتياج العالمي المتزايد للبترول عاماً بعد عام؟ العقبة الكبرى التي تواجه الإنسان ليس عدم وجود البترول في كوكب الأرض.. فالاحتياطي المؤكد من البترول التقليدي يكفي 50 سنة وفق الاستهلاك الحالي.. إضافة إلى وجود كميات مضاعفة من البترول غير التقليدي في شتى بقاع الأرض، لكن العقبة الحقيقية أن تكاليف استخراج المتبقي من البترول تتصاعد بسرعة ولا مفر من ارتفاع أسعار البترول. الحاجة أُم الاختراع.. فعندما توجد الحاجة الضرورية الملحة إلى شيء ما فلن يعجز الإنسان من البحث عن - ومن ثمة الوصول إلى - اختراع الشيء الذي يُشبع حاجته. في الوقت الحالي السيارة هي الوسيلة الأولى للمواصلات داخل المدن. والسيارة هي المستهلك الأكبر للبترول. فمن الطبيعي أن يفكر الإنسان في إيجاد سيارة لا تستهلك البترول للتغلب على عقبة ارتفاع سعر البنزين وحرمان الإنسان من شراء بعض متطلبات معيشته الأخرى. السيارة الكهربائية هي البديل الذي يعوّلُ عليه الإنسان لتكون سيارة المستقبل. لكن السيارة الكهربائية هي أيضاً الآن لا تستطيع أن تحل مكان سيارة البترول. فالمزايا التي تتميز بها السيارة ذات الاحتراق الداخلي تتفوق كثيراً على السيارة الكهربائية. ناهيك عن أن السيارة الكهربائية تكاليف شرائها وتشغيلها أعلى كثيراً من تكاليف سعر البنزين، وهذا يجعل السيارة الكهربائية بتكاليفها الحالية ليست هي الوسيلة التي تحقق الغرض من توفير سعر البنزين عن طريق التخلص من سيارة الاحتراق الداخلي (حرق البنزين والديزل). رب ضارة نافعة. فعملية التحول من استهلاك البترول كوقود للمواصلات سيوفر البترول في استخدامات أكثر جدوى وأنفع للإنسان. وستتحوّل الدول المنتجة والمصدرة للبترول من بيع بترولها خام إلى بيعه منتجات نهائية بأسعار مجدية. هكذا ينبغي تصحيح النظرة التشاؤمية التي ينظر بها الباحثون - وكتاب التقارير - إلى مستقبل اقتصادات الدول المنتجة للبترول إلى نظرة تفاؤلية، فسيبقى الذهب الأسود ذهباً يحافظ على قيمته مدى حياة الإنسان وستزداد قيمته بمرور الزمن. الخلاصة: المطلوب الآن من الجهات (مثل صندوق النقد، والمنظمات الخيرية) التي أخذت على عاتقها أخيراً إجراء ونشر ما تسميه دراسات وبحوث تحث الدول المنتجة والمصدرة للبترول بالمحافظة على انخفاض سعر البترول عن طريق زيادة إنتاجهم كي لا يستغني عنه العالم، أن يعيدوا النظر في مناهج ورؤية تقاريرهم لما فيه مصالح البشرية جمعاء.