الرجل السياسي المحنك رفيق الحريري الذي كان يتكئ لبنان على أكتافه وكان يعمل من أجل مصلحة لبنان وازدهاره، لم يكن رفيق الحريري إرهابيا أو متطرفا أو مجرما يستغل نفوذه ويقتل هذا ويطعن في ظهر هذا، بل كان الرجل المحب للبنان وشعبه والذي يسعى إلى إعمار لبنان وأن يكون مستقلا وغير تابع لأي جهة سياسية. كان طموحه السيادة الكاملة للبنان ومع ذلك كانت حياته كفيلة بأن يضحي بها من أجل هذا الطموح. مضت أربعة عشر عاما على جريمة اغتياله، وأحد عشر عاما على تشكيل المحكمة الدولية التي شكلت من أجل التحقيق في جريمة اغتياله ومعرفة من المتسبب في ذلك. الجميع يعرف من قتله ومن استفاد من قتله، بعد مقتله تمدد حزب الله في الحكومة اللبنانية وأصبح يتحكم بالقرار ويسير الدولة بحسب مصالحه. أتساءل لو كان رفيق الحريري على قيد الحياة إلى الآن، هل سيكون وضع لبنان بهذا السوء؟ وهل سيكون وضع حزب الله وهيمنته بهذه السيطرة التي تحدث الآن؟، عندما تفقد الدول رجلا بحجم حنكة وسياسة رفيق الحريري فحتما أنها قد خسرت الشيء الكثير والخسارة سياسيا تعيد أي دولة إلى التقهقر والعودة إلى الخلف وهذا ما حدث بعد اغتيال الحريري فمنذ رحيله بدأ يتراجع لبنان للوراء على الرغم من عودة السيادة لها إلا أن فقد الحريري جعله تائها وأصبح هناك فراغا سياسيا نفذ منه حزب الله وأحكم قبضته على القرار السياسي حتى أصبح لبنان مختطفا من هذا الحزب وتصدر القرارات من إيران. على الصعيد الشعبي والوطني دخل لبنان منذ رحيل الحريري في نفق مظلم ودهاليز تسببت في الفوضى من ناحية التخطيط وتدهور الحالة المعيشية لشعب لبنان وأصبحوا ضحية لسياسيين لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية وأضعفوا صوت لبنان العربي وانشغلوا عن السعي إلى تطوير لبنان وحل المشكلات التي تواجه الشعب من فقر وبطالة بالتخبط السياسي والفوضى العارمة وخسروا الدول العربية وخاصة دول الخليج ومنها المملكة العربية السعودية التي كانت تقف في جانب لبنان وتدعمه ماديا ومعنويا لتحسين اقتصاده. كل هذه المشكلات من فوضى سياسية واقتصاد منهار أتت بعد رحيل رفيق الحريري فقد كانت جريمة اغتياله وبالا على لبنان وشعبه. عاد لبنان للوراء وتاه في مشكلات عديدة سواء اقتصاديا أو سياسيا أو أمنيا. من يراجع المشهد من بعد مقتل الحريري وبروز حزب الله وتسيده المشهد يدرك حجم العبث لحزب الله والفراغ السياسي الذي خلفه رحيل السياسي الكبير رفيق الحريري. في السياسة دروس وعبر وغياب الحريري عن المشهد اللبناني من أكبر الدروس المجانية للشعوب. ولو كان يعلم الشعب اللبناني بحجم كارثة فقده لجعل الحريري داخل عيونه وحرسه من عبث العابثين. ولم يكن مدركا لحزب الله وأطماعه السياسية وأنه سيكون يدا كبرى لإيران وينفذ أجندتها بكل سذاجة وكل ذلك طمع في المال الذي يسد أفواه قيادات حزب الله. وكل ذلك على حساب الشعب اللبناني وتدهور اقتصاده فأصبح لبنان غير مرغوب حتى من بعض شعبه الذي بدأ يفر منه إلى بلاد المهجر حتى يعيش في جو بعيدا عن الاغتيالات والفوضى الأمنية والتدهور الاقتصادي الذي ألقى بظلاله على غلاء الأسعار وغيره من المشكلات التي أنصبت فوق أكتاف الشعب اللبناني الذي لا حول له ولا قوة. منذ رحيل الحريري ولبنان يغرق في المزيد من التدهور ويتراجع. فأي فقد؟ وأي جريمة ارتكبت بحق لبنان وشعبه؟ كان جبلا شامخا تستند عليه لبنان فطوي وانكشف ظهر لبنان وتسلقه اللصوص والمجرمون والطامعون فأصبح لبنان ينتظر من يخلصه من هذا الضيم الذي أبتلي به. سيعود لبنان كما كان بشرط أن تتخلص من حثالة السياسين الذين يفضلون مصالحهم على مصالح لبنان وشعبه ومن رضوا للبنان بأن يكون تابعا. وما حدث في الأيَّام الاخيرة من كارثة بشعة بحق الإنسانية والانفجار الكبير الذي حدث في مرفأ بيروت كشف للجميع الدمار الذي خلفه هذا الانفجار وكيف تعامل معه حزب الشيطان وكأن الأمر لا يعينه وكيف هبت المملكة العربية السعودية وكانت من أول الدول التي قدمت المساعدات للشعب اللبناني والوقوف على الرغم من الحركات الشيطانية التي كانت تُمارس ضد المملكة من حزب الله وبدعم من القيادة القطرية.