تُعدّ قناة الجزيرة القطرية أهم أذرع السياسة الإيرانية الإعلامية في المنطقة العربية، عبر الضخ الإعلامي والنشرات، والاستثمار في الخلافات، ونشر الخراب والأكاذيب والافتراءات، والتعاطي مع التطورات بما يتناسب مع مزاج الولي الفقيه وحلفائه، فأخبارها تُعدّ في إيران وتُبث من قطر. لذلك لم تكن مشروعاً إعلامياً ناجحاً، بل كانت أداة للتدمير، والتخريب من خلال تشويه الحقائق، ونشر الأباطيل، وممارسة التحريض والتأجيج، وخداع الشعوب بشعارات مزيفة، وزرع الفوضى، وبث الفرقة، وتغذية الصراعات والطائفية، مستخدمة أسلوب التضخيم في مكان، والتقزيم في مكان آخر. كما أنها لا تقف عند حد التحريض الإعلامي فكرياً، بل إنها تقدم دعماً للتنظيمات الإرهابية بتلميع صورة قاداتها، وتضخيم قوتها، وتسويغ شائنات أعمالها. القناة القطرية منبرٌ هدَّام.. يزين أفعال إرهابيي القاعدة وملالي إيران وجرم الإخوان (الجزيرة) منبرٌ هدَّام ولدت قناة الجزيرة في 1 نوفمبر 1996م، من رحم قناة ال (بي بي سي) اللندنية وارثة عنها كثيراً من الوثائقيات التي تميل إلى رؤية محور المقاومة والممانعة في قراءة الأحداث، وهو المحور الذي يرفع (تقية) شعار تحرير فلسطين، ولا يمكن حدوثه دون تدمير الحواضر العربية وتحويلها إلى أطلال. صنعت ثقافة عربية منحرفة وترفع «تقية» شعار تحرير فلسطين واعترف عرّاب قناة الجزيرة حمد بن جاسم في أكتوبر 2017، خلال حديث له على التلفزيون القطري، بدورها الهدام والسلبي الذي لعبته في تناولها للأحداث بعدد من الدول العربية، وتركيزها على تهويل الأحداث والأزمات الداخلية بذريعة حرية الإعلام، ما تسبب في حدوث أزمات كبيرة بين الدول العربية والدوحة. فانضم إلى الجزيرة عدد من إعلاميي المحطة البريطانية، والذين لا يخفون حقدهم وغضبهم وانفعالاتهم على الآخر المخالف، مع أن شعار الجزيرة هو «الرأي والرأي الآخر»، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. بنت (الجزيرة) إمبراطوريتها الإعلامية من خلال الاعتماد على التهويل الدعائي، واللعب على وتر العاطفة الشعبية، وتعمّد سياسة تصيّد الأحداث الشاذة والأخبار المعزولة وتضخيمها، ونهجت إثارة الفتن والغرائز وتحريك الفوضى، وتنمية الشعور المعادي للآخر، خصوصاً دول الاعتدال العربية. خنفر وبشارة.. صانعا قرار قطر وراسما خارطة طريق الآلة الإعلامية فصنعت (الجزيرة) ثقافة عربية منحرفة تخدم أهدافاً معادية، من خلال إيصال الفكرة المجرثمة إلى أوسع شريحة اجتماعية ممكنة، معتمدة مبدأ «أينما كنت فسوف تصلك إصداراتنا». وما استخدامها المصطلحات الرائجة كالشهداء والقتلى والثورة والانتفاضة والجهاد والمقاومة، إلا قلب للحقائق وتسويق مشروعها الهدام. التطبيع مع إسرائيل حلمٌ سعت لتحقيقه.. ودعم المتطرفين مكنها من السبق الصحفي وتكيل الاتهامات لمخالفيها العرب بحجة التطبيع مع إسرائيل، فكانت أول قناة تمارس التطبيع ليدخل كل منزل اسم إسرائيل، ومراسلها ومحاورها يطلان على المشاهدين في بث مباشر من تل أبيب، وتغلق عينيها وتصم أذنيها عن سفارة قطر وعلاقاتها مع إسرائيل، وزيارات المسؤولين من الجانبين، في المقابل وفي مفارقة عجيبة تدعي حملها راية المقاومة والممانعة. كذلك مكَّن المسؤولون القطريون تيار الإخوان من السيطرة على القناة، والطرد بين فينة وأخرى لمن يخالفهم سياستهم الهدامة من المعدين والمذيعين، بدعوات واهية ووفق أجندة خبيثة وراء الكواليس. وفي مقابل ذلك، أتاحوا الفرصة لأصحاب البرامج المعهودة مثل الإخواني أحمد منصور باستضافة الإخوان المسلمين كأبطال وعظماء، كما منحوا الفرصة سابقاً للطائفي غسان بن جدو للترويج للنظامين السوري والإيراني وأجندتهما. كما سوّقوا عبر القناة لإعلاميين طائفيين ومفكرين حاقدين، وتجاهل الكثير من المفكرين الحقيقيين العرب بسبب وضوح رؤاهم وصراحة مبادئهم واستقلالية مواقفهم، ناهيك عن المعايير المزدوجة في التعامل مع الدول والقضايا والثورات والحركات. مهندسو شبكة الجزيرة الجزيرة القطرية حالة معقدة من الدهاليز، يصعب رصد تفاصيلها كلها، لأنها تعمل بطرق سرية فيما يشبه عمل المنظمات الأمنية، وتبذل الأموال الطائلة لخدمة هذا الغرض، ويصعب تحديد الشخصيات الأكثر تأثيراً في هندسة سياستها التحريرية، لكن ما يمكن تأكيده هو الدور الكبير لشخصين مهمّين جداً على هذا الصعيد، هما: د. «وضاح خنفر» الذي ترعرع في بيئة إخوانية خالصة، ود. «عزمي بشارة» ممثل «التيار القومي» العروبي. فتجربة وضاح خنفر في مناطق الحروب وساحاتها التي كان تنظيم القاعدة أحد أركانها جعلت منه رجل (الجزيرة) الأول في تلميع صورة الجماعات المتطرفة، ليحتل بذلك منزلة مرموقة في جماعة الإخوان المسلمين، ويصبح مرجعاً لها في شكلها الجديد. ومنذ أن تولى خنفر رئاسة الشبكة في عام 2003م، نجح في إدخال الكثير من الكوادر الإخوانية إلى القناة، والتي أصبحت تركز على مناهضة الأنظمة العربية، وتطرح قيم التيارات المتطرفة. وجاءت وثائق «ويكيليكس» في 20 أكتوبر 2005م، لتبرز جانباً مهماً من سرّ صعود خنفر وتدرّجه السريع في (الجزيرة). أما عزمي بشارة فيختلف دوره كلياً عن دور خنفر، لجهة أنه لم يتعامل مع (الجزيرة) بوصفها مؤسسة تشرّفه، لأنه يرى نفسه أكبر منها، بالنظر إلى حجم ثقافته، وغزارة إنتاجه العلمي والتنظيري والتأليفي، كما أنه نجح بتنصيب نفسه موجهاً وأستاذاً لأمير قطر قليل الخبرة تميم بن حمد آل ثاني، والجليس المفضل له، وأكبر صنّاع القرار. واستطاع بشارة من خلال سطوته وتنظيره الضغط على الأمير تميم لتعيين مدير مكتب الجزيرة في عمّان الصحافي الإخواني ياسر أبو هلالة مديراً ل (الجزيرة)، مزيحاً حمد بن ثامر الذي وصفه بشارة أمام الأمير تميم ب(الجاهل والخشبي). وعلى الرغم من تقديم ياسر أبوهلالة استقالته في 10 مايو 2018م، فإن الشراكة بين عزمي بشارة و(الجزيرة) بقيت مستمرة، لأن ما يجمعهما أكبر مما يفرقهما، وهو الإساءة إلى العرب ودعم أعدائهم. وبعد أن استخدم بشارة قناة الجزيرة لتسويقه مفكراً ومناضلاً ومقاوماً عروبياً، بدأ يلامس طموحاته في السيطرة على قطر، ورسم سياساتها العربية العدائية، وأن يكون الشخص الأول تأثيراً في الواقع العربي بمفكريه ونخبه وشخوصه وسياساته. فعلى الرغم من تباعد المسافة الفكرية بين خنفر وبشارة، وتباين الأصول المرجعية لكل منهما، إلا أنهما يقفان على أرضية واحدة من العداء المستحكم للمملكة خصوصاً، ولمحور دول الاعتدال العربية عموماً. رسالة ضيوف الجزيرة بما أن إعلام (الجزيرة) مهنة شوهتها قطر بجلب المرتزقة الذين يكذبون أكثر مما يأكلون ويشربون ويتنفسون، فرجالات عزمي بشارة يتخيرون من الأخبار كل عشية وضحاها ما زاد كذبه، وعظم افتراؤه على المملكة خصوصاً، والعرب عموماً. وتستقطب من يعمل في مختلف القنوات بأموال ضخمة، وشروط معينة، لترفع قطر أمام العالم والإعلام، لتحلل المبالغ الطائلة التي تصرف عليها، فلم تعرف قطر إلا من خلال (الجزيرة)، وباتا وجهين لعملة واحدة، فما يذكر أحدهما حتى يتبادر الآخر إلى الذهن. كما فرضت في سياساتها الإعلامية رؤية معدّة مسبقاً على المشاهد العربي، فتبدأ بتحديد شكل ضيوف القناة، والسيطرة على ذهن المتلقي، وهنا لا نستطيع على سبيل المثال تجاوز برنامج الاتجاه المعاكس الذي كسر إطار الأدب في الحوار لمصلحة سياسة الشتم، والشتم المضاد، معتمدًا على تبنيه رأياً بشكل فاضح، يكون فيه الضيف الأقوى بجهة فكرة تريد القناة تعزيزها، مقابل رأي هزيل ومتحدث ضعيف مهزوز يمثل الفكرة المضادة. كما تسوّق (الجزيرة) وفقاً لضيوفها لمشروع الإخوان المسلمين على اعتبار إقامة الخلافة أوجب الفروض وعزّ الإسلام والمسلمين، والبيت الذي يحتضن قضاياهم أينما كانوا، وبناء على ذلك نجد (الجزيرة) تتبنى المسألة على أنها قضية أمة وتاريخ، فأخذت ترعى ثلاثة أجنحة متشددة هي: الأول: الإسلام السياسي، وهو المحور الذي يتبنى إقامة الخلافة، ويتمثل في جماعة الإخوان المسلمين الذين يشغلون الحيز الأكبر من اهتمام إعلام (الجزيرة). الثاني: الإسلام العسكري، وهو المحور الذي يتبنى فوضى الأهداف عموماً. وتقوم (الجزيرة) برعايته بوصفه ظاهرة تاريخية محترمة، وقوة ضاربة، وسلطة جهادية حامية لحمى المسلمين، كالقاعدة وحزب الله والحوثي وحماس وغيرها. الثالث: محور المقاومة والممانعة، وهو الذي حرصت (الجزيرة) من بوابة القضية الفلسطينية على صيانته بقيادة ولي الفقيه، وذلك بالتقليل من حجم ممارساته الإجرامية مهما اشتدت، وإبراز مكامن القوة لهذا المحور، فلا توفر فرصة للحديث عن شكل من أشكال القوة إلا وتسوّغه لهذا المحور، وتحرص على إظهاره بالرقم الصعب في معادلة القوة والحل لا يمكن تجاوزه، وعندما يسرف هذا المحور في التمادي بالجريمة القذرة فإنها تتستر على شر أعماله، وحين يبرز دور ما لهذا المحور الإجرامي تبادر إلى إبرازه، وعندما يولغ محور الممانعة في الدم السوري والعراقي واليمني واللبناني وغيرهم فإن قناة الجزيرة لا تعيره الانتباه اللازم، كي لا تهتز صورة محور المقاومة والممانعة، في الوقت الذي تستغل فيه (الجزيرة) أصغر المواقف لتأليب الرأي العام على الدول العربية. الدعاية المفرطة اعتمدت (الجزيرة) على أسلوب الدعاية بشكل كبير، فرعاتها لا ينتظرون من المشاهد أن يبادر من تلقاء نفسه بالثناء عليها، بل يقومون هم بهذا الدور، من خلال المبالغة في الاحتفاليات المتعلقة بذكرى انطلاقة (الجزيرة)، وابتكار مانشيتات براقة لتلك الاحتفاليات مثل «مسيرة متجددة ورسالة أصيلة»، و«شمس لا تغيب» إلخ. كما أنها تعمل ومنذ تأسيسها على إبراز شخصيات ونخب بعينها تحمل أفكاراً وثقافات محددة، وحرصت على إظهارها في صورة من يحتكر العلم والفكر والمعرفة، درجة أن كثيرين صدقوا أن ضيوف الجزيرة الدائمين هم مشاعل الهدى ومنارات الرشاد، شخصيات عربية من إخوان مسلمين وقوميين وشيوعيين، جاعلة منهم المنبر الأوحد للمشاهد العربي، خصوصاً في برامجها الحوارية «الاتجاه المعاكس» و«الرأي والرأي الآخر»، و«أكثر من رأي» إلخ. ولم يقف الأمر عند حد تلميع ضيوفها (العظماء)، بل إن الجزيرة تتعمد الخفض من شأن قامات فكرية وسياسية أخرى، وإلقاء الشبهات عليها، لأنها لا تتفق مع رؤيتها ولا تنسجم مع نهجها، حتى أصبحت هذه القامات السياسية والفكرية العربية بغيضة وإشكالية لشريحة واسعة من المتابعين. كما أن (الجزيرة) جعلت من ضيوفها المرجع الآمن لأفكار متابعيها وتصوراتهم وعلاقاتهم، فيتسلحون بالثقافة الهدامة وثقافة العنف والكراهية. ولهذا استضافت الجزيرة، منذ نشأتها، العديد من الشخصيات الإرهابية والفئات المارقة والخارجة على القانون، والمطلوبة قضائياً في دولها، بغية تحقيق أهدافها البغيضة في زرع الكراهية والفتنة والحقد لدى الشعوب على أنظمتها الوطنية. الأخبار المفبركة تنتهج (الجزيرة) أسلوب الكذب والخداع خطاً تحريرياً ممنهجاً، فلا تكاد تخلو نشرة إخبارية من خبر كاذب أو أكثر، يدعم سياساتها وتوجهاتها القائمة على إثارة الزوابع والفتن، فآخر همّها نقل الأحداث كما هي من دون رتوش. ودأبت على نقل الأخبار المفبركة، وبث التقارير المسيئة والمليئة بالأكاذيب والمغالطات لزعزعة أمن الدول العربية واستقرارها، وتهديد السلم الأهلي والاجتماعي، وزرع الكراهية لشق وحدة الصف الوطني فيها. قد تكون أكاذيب وافتراءات (الجزيرة) صريحة ومفضوحة أحياناً، وقد تكون مبطنة احتيالية في أحايين أخرى، لكن الخطر يكمن في هذه الأخيرة، إذ لا يكتشف زيف أخبار الجزيرة إلا المختصون، وتمر أغلبها على سواهم من الناس. والأشد خطراً من ذلك هو اختلاق (الجزيرة) الحدث الذي تريد، ثم السرعة في تغطيته عن طريق مراسليها الموهوبين لنقل الحقيقة من أرض الحدث، ولا يعلم كثيرون أن رعاتها هم من أشعل الحريق الذي يغطونه إعلامياً. كما دأبت في نشراتها وبرامجها وتقاريرها الإخبارية المفبركة العمل على زرع الفتنة والكراهية، والتحريض المتواصل ضد الدول العربية وثوابتها الوطنية. الجيش الإلكتروني يعدّ الجيش الإلكتروني الوجه الخفي ل (الجزيرة)، وقدرت مصادر قوامه بما يتجاوز العشرين ألف حساب -في وسائل التواصل الاجتماعي-، أنشئ لإثارة الرأي العام ضد محور الاعتدال العربي، وتديره غرف عمليات نشطة تدور في فلك (الجزيرة). ويستخدم الجيش في حساباته مصطلحات بعينها مثل «المتسعودين»، و«أنتو عبيد». وأكثر عبارة جرى تكرارها من قبل الحسابات المصطنعة هي «تميم المجد». كذلك يحرص على عدم نشر الصور الحقيقية، وفي بعض الأحيان يستخدم صوراً مسروقة، وأسماء مستعارة. ومن خلال تتبع مصادر الحسابات تبيَّن أن المغردين من قطر، ولبنان، وتركيا، والعراق، بمعنى أن (الجزيرة) تمثل تحالفاً وثيقاً بين الإخوان وإيران. (الجزيرة) شقيقة (المسيرة، المنار) بات من يشاهد (الجزيرة) ونشراتها وتقاريرها الإخبارية عن اليمن، يرى نسخة من قناة (المسيرة) للحوثية. فأصبحت تسيء لعدالة القضية اليمنية وشرعيتها بالإسناد الإعلامي والسياسي لميليشيا الحوثي الإرهابية، وتحويل منصاتها كافة إلى نسخة أخرى من الإعلام الحوثي المليء بالكذب والافتراءات والتناقضات، رامية بمصلحة اليمن ومستقبل أبنائه عرض الحائط، للدرجة التي أصبحت فيه (الجزيرة) شقيقة ل (المسيرة)، ووكيلاً لمشروع الفوضى الإيرانية. فميليشيات الحوثي في نظر (الجزيرة) جماعة دينية تسمى حركة أنصار الله!!!، وغدت تستدل في تقاريرها على تصريحات لمسؤولين حوثيين، وفي الوقت نفسه لا تأخذ تصريحات الطرف الآخر. ودائماً ما تكيل من خلال تغطيتها الإخبارية التهم الملفقة، وتروج للإشاعات المغرضة التي تستهدف التحالف العربي، متخذة من نفسها إعلاماً مضاداً للتحالف واليمن، ومسانداً لميليشيات الحوثي. كما تضع نفسها بمواجهة الإجماع العربي في أدق مرحلة من مراحل الصراع الأزلي مع أطماع الأعداء التوسعية التي تتغلغل في جسد الأمة، وتهدد أمنها واستقرارها ووجودها، بل وتسعى لأن تكون سلاحاً من أسلحة الأعداء والمتربصين بالأمة العربية. وكانت (الجزيرة) قد عرضت في 20 ديسمبر 2017م، تقريراً حول المجاعة التي حلت بالكثير من أبناء الشعب اليمني، واتهمت قوات التحالف بحجة الحصار المفروض على المنافذ البرية والبحرية والجوية، واستضاف معد التقرير نائب رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر يحيى شرف الدين المنتمي للحوثيين، وتحدث عن منع وصول السفن إلى ميناء الحديدة، بينما تقارير صادرة عن الأممالمتحدة، فضحت زيف تقرير (الجزيرة) متهمة ميليشيات الحوثي بمنع وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني من خلال سيطرتها على المنافذ البحرية، والاستيلاء على أي مساعدات إنسانية، وبيع بعضها في السوق تحت شعار المجهود الحربي، وتوزيع البعض الآخر لمقاتليها، وهذا يفضح (الجزيرة) التي باتت وسيلة إعلامية تخدم الميليشيات الإيرانية. إذن (الجزيرة) ومن خلال خطابها الإعلامي المساند للحوثي صارت وبما لا يدع مجالاً للشك داعماً رئيساً للحوثي مادياً ولوجستياً وإعلامياً. (الجزيرة) وحزب الله عبرت شبكة الجزيرة عن نفسها، منشئةً مفهوماً جديداً للإعلام القريب من الشعوب وقضاياها، لكن في حقيقتها تبنت سياسات هدامة تعزز خط ما يعرف بمحور المقاومة والممانعة الذي مثل حزب الله اللبناني التابع لمرجعية الولي الفقيه الجزء الأخطر فيه، وكان هذا في حرب يوليو 2006م، التي شنتها إسرائيل على البنى التحتية والفوقية لدولة لبنان، مستخدمةً ذريعة مكافحة حزب الله، الذي خرج مِن الحرب بصورة وهالة تقديس ساهمت في صناعتها بشكلها الأكبر (الجزيرة)، وشقيقاتها الطائفية الرديفة لها. كما تخطت (الجزيرة) الخط الإعلامي الرصين في شيطنة أطراف، على حساب تلميع أطراف أخرى، وهذا ما برز في أحداث بيروت عندما تمرد حزب الله على الدولة اللبنانية، وسيطر على مفاصلها الأكثر حساسية عام 2007م، ابتداء من المطار الدولي، وصولًا إلى مفارز عسكرية وأمنية في مواقع عدّة داخل بيروت وخارجها، وصولًا إلى تثبيت هذا الوجود وشرعنته عام 2008م، بما عرف بالمصالحة مع تيار المستقبل. فالقناة اتخذت خطاً داعماً لحزب الله، وتجاهلت تماماً أن التظاهرات اللبنانية رفضت خطف الدولة اللبنانية عبر الحزب المدعوم من الحرس الثوري الإيراني، لتنفيذ أجندات مشروع الهلال الخصيب الفارسي الساعي للسيطرة على عدة عواصم عربية منها بيروت. فضلاً عن الانتفاضة السورية من زاوية شلال الدم المسفوح كل ساعة على يد الصفويين وإرهاب حزب الله، وإبراز روحاني في سبتمبر 2019م، وهو يخطب بين الكراسي الفارغة في الأممالمتحدة ويتحدث عن سورية كأنه حمامة سلام، بينما يعرف العالم أن إيران والغة في الدماء العربية بشكل مباشر. تجاهل انتفاضة إيران قررت (الجزيرة) التشويش على صوت الشعب الإيراني الذي تظاهر في الشوارع بقوة، كونه يعاني انتهاكات نظام ولي الفقيه الفاسد، وزعمت عبر شريطها الإخباري وجود تظاهرات مؤيدة للنظام في طهران، وعدد من المدن الإيرانية الأخرى، في تغطية تعكس فضيحة إعلامية بكافة المقاييس. فلا نجد (الجزيرة) تغوص في أعماق الحياة الخاصة بالشعب الإيراني الجائع الذي يعيش نكبة اقتصادية مستدامة نتيجة نظام الولي الفقيه، على الرغم من أن لديها مكتباً ضخماً في طهران. وأكثر ما يلفت الانتباه هو سعي (الجزيرة) إلى تغطية الانتفاضة الإيرانيّة أواخر 2017م، على أنّها حراك محدود، وتحت سقف ولاية الفقيه، وهذا ما برز في التوصيف الذي اعتمدته الجزيرة بأنّ الحراك ضد رئيس الجمهورية روحاني، وليس ضد ولي الفقيه، بعكس ما أثبتته صور التظاهرات التي لم تستثنِ أي مسؤول في النظام الإيراني. وإبراز شخصيات سياسية تنادي بالإصلاح الداخلي، وتركز في خطابها الموجه إلى الداخل الإيراني على نظرية «خلل اقتصادي» الذي يمكن معالجته، بدل فضح سياسات الدم التي يمارسها أتباع الولي المعصوم. وتغيب في التغطيات الشخصيات المعارضة للكيان الديني المتطرف الحاكم باسم ولاية الفقيه، ويستعاض عنها بمن يمثل نظام الملالي، ومعارضته التي تحت سقف العمامة. لذلك كشفت طريقة تعامل (الجزيرة) مع الانتفاضة الإيرانية حجم وقوة علاقات الدوحة مع الحرس الثوري الإيراني، فقد غضت الطرف عن كل ما يجري في إيران من تظاهرات، في حين أنها تسلط كاميراتها وتقاريرها التخريبية على أي حدث في الدول العربية. لتصطف إلى جانب قناة الميادين والعالم والمنار والمسيرة وغيرها من القنوات التي تهدف إلى إثارة الفتن، وإشعال الاضطرابات، ونشر الفوضى في الدول العربية. كما أن اصطفافها إلى جانب ولاية الفقيه يفضح حقيقة هذه القناة والعاملين فيها، ويضع النظام القطري في حرج شديد أمام الشعب الإيراني المضطهد وباقي شعوب المنطقة. وليس عنا ببعيد إشادة (الجزيرة) بالمجرم قاسم سليماني، من خلال «بودكاست» عنه على شاشتها بالعبارات التالية: «لمع نجمه في الحرب الإيرانيةالعراقية، ثم انطلق بعدها مهندساً لمعظم معارك إيران الخارجية، تاركاً بصماته في أكثر بقاع المنطقة التهاباً: سورية، اليمن، العراق، وغيرها، وكاد اغتياله أن يشعل حرباً عالمية ثالثة، فمن هو قاسم سليماني؟». كما جاء في المقطع: «أنا قاسم سليماني، الجندي الذي كرّس حياته لخدمة الإسلام والثورة الإسلامية وعزتها وكرامتها.. الاسم الذي يهابه الشيطان الأكبر والعدو الصهيوني»، وأيضاً وصفته ب «الشهيد المجاهد في سبيل الله». لذلك فتحت إيران ل (الجزيرة) أبوابها على مصراعيها، لتوظفها وتستغل عربيتها في بث سموم الفتن، ونشر الفوضى، والترويج لأفكار الولي الفقيه وثورة الخميني التي دمرت إيران وتسعى إلى تدمير باقي دول المنطقة. العراق بعيون إيرانية اجتاحت ثورة الشعب العراقي المدن العراقية كافة، والتي كانت كفيلةً بفضح حقيقة التعاطي الإعلامي ل (الجزيرة) لأحداثها وتطوراتها. وعلى الرغم من عدد ضحايا الحراك الذي تجاوز ستة آلاف بين قتيل وجريح، لم ترَ (الجزيرة) ضرورة لنشر سوى بعض التقارير الخجولة والسطحية، وربط الحراك بالمطالب الاقتصادية بعيداً عن مناهضة النفوذ الإيراني وميليشياتها في العراق، في حين جندت إعلامها بالعديد من التقارير التي تناولت التظاهرات المصرية من خلال البحث بأزقة مدنها عن أي مجموعة مجتمعة لفبركة الصور. إذاً، لا حديث عن الإرهاب وحلقات الموت التي تسببت به عصابات إيران وميليشياتها في العراق وجنوبه الغارق بتجارة مخدرات الحرس الثوري. فأخبار (الجزيرة) وتقاريرها عن العراق تظهر بأن ما يحدث لا يتعدى كونه زوبعة في فنجان. ختاماً: يُعدّ بثًّ روح الكراهية والتحريض على العنف الملمح الأشد وضوحاً في (الجزيرة)، بل إن الهدف الأساس من إنشائها هو تحريض الشعوب على العنف وضخّ روح الكراهية بشكل ممنهج وبأي ثمن، حتى لو كان الثمن هو التحالف مع أعداء الأمة وتخريب مقدرات الشعوب.