بدأ العالم محاولة التكيف مع مخاطر وباء كورونا، عادت الأجهزة العامة والمؤسسات والشركات عودة تدريجية إلى العمل من داخل المكاتب. هذه العودة مصحوبة بالإجراءات الاحترازية الضرورية للوقاية من الوباء ومنع انتشاره. ما هو تأثير كورونا على بيئة العمل؟ هذا سؤال منطقي في توقيته وفي معناه. يوجد بيئة عمل جيدة قبل كورونا من حيث المساحة والتجهيزات والخدمات والظروف الصحية. ويوجد بيئة عمل عكس ذلك وهذه الأخيرة تصبح ظروفها أصعب خلال أزمة كورونا. هنا تطل بعض الأسئلة: هل تعود البيئة الجيدة إلى العمل من المكاتب، وتكتفي الأخرى بالعمل عن بعد؟ هل أصبح العمل في المكاتب تحت تأثير قلق كورونا بلا متعة؟ هل العمل عن بعد باعث على الملل. لحاجة الإنسان الى التغيير؟ هل الإنتاجية أفضل في العمل عن بعد أم العكس؟ إذا كانت أفضل، هل هي إنتاجية بلا متعة؟ ما هو تأثير التفاعل الإنساني المباشر المفقود في العمل عن بعد؟ الإجراءات الاحترازية داخل المكاتب – وهي ضرورية – هل تؤثر على نفسية الموظف وإنتاجيته؟ ماذا عن الجوانب المعنوية والعلاقات الإنسانية في بيئة العمل، ما هو وضعها تحت تأثير كورونا؟ ماذا عن العاملين في القطاعات الصحية والأمنية والعاملين في الميدان، ومن يتعاملون بشكل مباشر مع الجمهور، كيف هي ظروف البيئة التي يعملون فيها؟ تلك أسئلة تنتظر الإجابة من خلال دراسات. قد نطرح هنا انطباعاً سريعاً بأن العمل عن بعد فيه إنتاجية ومتعة، ولكن هل نستطيع تعميم هذا الانطباع. تختلف ظروف الناس واحتياجاتهم وقدراتهم على التكيف. يضاف إلى ذلك التفاوت بين بيئة عمل وأخرى من حيث الجوانب المادية والمعنوية، وبالتالي لا نستطيع إعطاء رأي قاطع في هذا الموضوع، ولكننا نستطيع التأكيد على أهمية وجود بيئة عمل إيجابية في كل الظروف، وأهمية الأخذ في الاعتبار طبيعة العمل وظروف الموظفين الصحية والنفسية في تحديد من يعمل من المكتب ومن يعمل عن بعد. نستطيع القول أيضا إن كورونا يعطي فرصة لمراجعة واقع بيئة العمل من جميع جوانبها سواء في الظروف العادية أو غير العادية. وهذه مسؤولية الجهات المختصة التي تضع المعايير وتتابع تطبيقها. أما الظروف المعنوية في بيئة العمل والجوانب الإنسانية فهي مسؤولية المديرين، والمدير القائد يدرك أهمية هذه الجوانب ويعمل على تعزيزها في كل الظروف لأنها هي العنصر الأهم في منظومة العمل في كل المجالات.