الإنسان كالماء في ارتباطه بالحياة؛ الأول جُعلت له الحياة، والآخر جُعلت منه الحياة، ولأننا نُحب الحياة قررنا يوماً أن نبحث عن الإنسان في بقع الماء وقطراته، وبشيء من التأمل في خلق الله المتشابه قلنا ألا يمكن أن نصف إنساناً ما بأنه (إنسان الماء)؟! وبعد التحليل والربط وهي المرحلة التي كنا نغرق فيها تارة ونطفو فيها تارة أخرى خرجنا ببعض صور «إنسان الماء» التي نجزم بأن لديكم الكثير منها: «إنسان البحر» هو شخص واسع الثقافة، عميق الأفكار، وله أهداف كبرى، ولديه حس قيادي ومنجز ومحب للعمل. ولكنه صعب المراس متقلب المزاج عندما يغضب قد يغرق الآخر بملحه الأجاج، وهو غامض وقد يخترقه المحترفون ولكن ليس إلى العمق، لا يشعر بالآخرين عندما يكون له أهدافه الخاصة، وإن لم يُشرك في اتخاذ القرار سيفسده، لذلك يجب أن تعطى له مكانته وتحترم قدراته. »إنسان النهر» هو شخص صافي الذهن، وعذب المنطق، وهادئ الطبع، ومتزن، وكريم وحليم، ومتعقل في آرائه وقراراته، واضح الرؤية والأهداف، قادر على احتواء الآخرين والتعامل معهم بحب، إيجابي ومفيد لكل من حوله. ولكن الكمال البشري الذي يعيشه قد يجعله لا يلتفت إلى نفسه ويفرط في بعض من حقوقها، لذلك هو بحاجة إلى الدعم في هذا الجانب. «إنسان المستنقع» هو شخص قليل المعرفة، وقاصر النظرة، ورؤيته ضبابية للأمور، وأفكاره غريبة توجد بداخله صراعات فكرية واجتماعية، وإنتاجيته مرتبطة بمزاجه، يتميز بقوة وجلد في مواجهة الصعاب، وهو إنسان بسيط تغييره ليس بالصعب، لذلك بالتقدير والدعم وتوفير فرص تعلم جيدة سيكون إنساناً آخر. «إنسان السراب» هو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، يُمتع جليسه بمظهره الأنيق واهتمامه بنفسه وأحاديثه العصرية والشيقة، ويحب نفسه ويهتم بها كثيراً، ولا يهتم للآخر ونفعه، عندما تحتاجه لا تجده، لا يبالي بالمواثيق والعهود، ولا يوجد لديه ثبات في قراراته، لديه كلام جميل وشعارات براقة لا يؤمن بها أحياناً، تتغير آراؤه في لمح البصر. ولذلك يجب الوضوح معه حول حقائق لم يدركها وقد غابت عنه. بعدها أدركنا أن كلاً منا حياته مليئة بإنسان الماء الذي قد يروينا أو يصيبنا بعطش على عطش، أو يبعث الحياة فينا، أو يطفئها، ومن الجميل أن نكون له كماء السماء. فعندما تشابه الماء كن حياً وكن عذباً وكن جارياً، ولا تكن طاغيًا؛ فحتماً ستشرق الشمس وتغدو بخاراً.