عسكرت آخر سرية أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم لأرض الروم في موضع يسمى الجرف وهو حي إلى الشمال الغربي من المدينةالمنورة. وعرفت السرية بجيش أسامة بن زيد رضي الله عنه، وحين مرض النبي الخاتم لم يتحرك الجيش من مكانه، فلما تولى الخلافة أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - كان أول عمل له إنفاذه. وقد أشار بعض الصحابة على الخليفة الأول بعدم تسييره لأجل ردة الأعراب، وهجومهم على المدينة، فقال الصديق: والله لا أحل راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنفذ الجيش واستأذن بالسماح للفاروق رضي الله عنه، ثم ذهب يودع الجيش ماشياً على قدميه، وأسامة الشاب المولى راكباً على راحلته، فكان في تسييره هيبة للمسلمين. وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن الجرف أول المناطق سكنى بالمدينة، ويذكر المؤرخ د. تنيضب الفايدي أنها كانت أرضا خصبة صالحة للزراعة منذ القدم، مستدلاً بمواضع مزارع الصحابة فيها وأن عثمان بن عفان رضي الله عنه خلج خليجاً: أي عمل مجرى للماء حتى صبه في جزء من الجرف، كما أن الزبير بن العوام رضي الله عنه أقطعه أبو بكر الجرف، وكذلك عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه كان له مزرعة فيها، وكانت كرائم النخيل، وشجر السلم والسدر تغطي أرضها.