مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنوات مع فكر.. وحبر.. وقلم
نشر في الرياض يوم 05 - 05 - 2020

في مصادفة لم أخطط لها، كان لقاءً بالأستاذ تركي عبدالله السديري برفقة الأستاذ سليمان العصيمي ب «شيراتون القاهرة»، ورغم أن لي لقاءات بمناسبات مختلفة وأحياناً متباعدة معه، فإن هذا اللقاء كان حاسماً في زمالة تطورت إلى صداقة حميمة..
سألني لماذا لا تعود للكتابة فنحن نرحب بك بجريدة الرياض؟.
قلت إن الكتابة مكلفة نفسياً، وصعوبتها أن الكاتب تحت الرقابة المعقدة التي قد تفضي إلى المنع أو السجن، ثم إن الرغبة بالعودة لها لم تعد هاجساً مغرياً أو مقنعاً، لأن السلامة لرب عائلة، أفضل من الدخول في شبكة المساءلات وغيرها..
فأجابني: أبداً الأمور اختلفت، صحيح أن هناك سقفاً للتعبير، لكن الصورة غير ما تراها، وأعتقد أننا بمرحلة تحتاج لخط دفاع وطني نبنيه من كفاءاتنا للرد على الحملات الساخطة في تحيين الإذاعات والصحف، والأحزاب وغيرها..
رديت: أعطني فرصة للتفكير حتى أستطيع أن أقتنع..
قال: هل أعتبر هذا وعدا منك إن أردت الكتابة، أن تكون في فريق جريدة الرياض؟.
قلت أعدك..
ذهبت عدة أشهر ولم أعد أفكّر بالأمر، رغم تواصلي مع القراءة ومتابعة للأحداث لأنها جزء من مكون اهتمامات جيلنا، وخاصة من عاصر فورات لعواصف وتحريك الشوارع بالتظاهرات وفرز المجتمعات بالرجعي، والتقدمي والامبريالي، والبروليتاري، إلى آخر شعارات من طغى عليهم حداثة التفكير وجعل الشعارات مسلمات مطلقة..
ولأنني دخلت معترك الرياضة وأصبحت عضواً في إدارة مجلس إدارة نادي الهلال، فقد كان لقائي مع كتّاب ومحللي المباريات شبه دائم وخاصة من يتلاقون كمشجعين، كانت جاذبية تركي السديري كأشهر كاتب رياضي بالجريدة أوجد زمالة للعديد من الأسماء والشخصيات، وكان من بينهم كشخصية لامعة الأستاذ عثمان العمير، والذي من خلال نقاشات خارج الإطار الرياضي عرض أن أكتب زاوية في جريدة الجزيرة وكان وقتها، فيما أعتقد، مديراً للتحرير، وبالفعل اخترت العنوان والأيام التي أكتب بها..
بعد صدور العدد الذي حمل مقال زاويتي، وكنت وقتها موظفاً في وزارة المعارف فوجئت بزيارة الأستاذ تركي لي في المكتب، وبهدوئه، وقبل أي مقدمات قال:
ألم تواعدني إن كتبت أن يكون مقالك لجريدة الرياض؟..
قلت: أنا على وعدي، وهل من إشكال في الموضوع؟..
رد: سأفرغ لك صفحة باسم «آفاق» تكتبها كل يوم أربعاء من الأسبوع.
قلت: ولماذا لا تكون زاوية لأنني أحتاج لوقت أستعيد فيه نشاطي والتمرين على الكتابة، لأني كما تعلم منقطع منذ أكثر من سبع سنوات، وهذا يتطلب جهداً مضاعفاً..
صمت لكنه أصر، وقال الوقت معك، ولكنك ستباشر الكتابة الأسبوع القادم..
لقد عشت معاناة البدايات الجديدة، كيف أختار الموضوع وصياغته وجمله المترابطة، وعدم التكرار والتقاطع في المعنى، وهل أجرب أن أكون كاتباً اجتماعياً، أم فنياً، مع الرفض التام التقرب من السياسة ومغامراتها ودروبها المعقدة؟.
أعترف أن مهابة صفحة تكتبها بجريدة الرياض صدمة، وقد كان المقال الأول والثاني دون المستوى الجيد، ودون قناعة مني، لكني نظرت بأنها معركة لا بد أن أجتاز اختبارها، ولولا المخزون من القراءات المتعددة في مختلف الأفكار، لربما طوحت بالقلم وخرجت أبحث عن سلم أمان كخيار أبدي، غير أن ردود الفعل الإيجابية من القارئ، ومن كانوا على اهتمام بالرأي المكتوب من قبل عناصر مسؤولة بالدولة وغيرها، أدت إلى أن أصبح كاتباً ملتزماً..
لم أقف على حدود صفحة آفاق، بل كتبت بصفحة حروف وأفكار وبعض الزوايا مع عناصر كانت تمتلك الحس والثقافة والوعي وخاصة في محيط الجريدة من الزملاء سواء بالتحرير، أو كتّاب غير متفرغين، لكن الإضافة الأهم وصول المرحوم الأستاذ فوزان صالح الدبيبي من المنطقة الشرقية، وكان أحد أهم أركان الكتّاب في صحفها وخاصة جريدة «أخبار الظهران» بدأ سؤاله عني شخصياً لأنني الوحيد الذي زامله بتلك المرحلة، ولعل من النوادر بصدقه وجرأته وعدم اهتمامه بأي مظاهر شخصية أو عامة، وقد عرفته بالأستاذ تركي، ليدخل منظومة كتاب الجريدة، وبالفعل أضيف إلينا زميل حاضر النكتة مما عزّز وجوده كاتباً وصديقاً، ومثقفاً بنى أبجديات وعيه على نفسه..
قطعاً لا أغفل أسماء كثر سبقوني، أو زاملوني جعلتنا الجريدة أسرة واحدة مهما اشتدت الخلافات، أو تباينت الآراء، لكن الأجواء ظلت أخوية، لأن شخصية الأستاذ تركي خلقت التوازن وعطلت أي انشقاقات خاصة أن الجريدة كانت تضم كتّاباً عرباً بعضهم مقيم بالمملكة وآخرون من خارجها تختلف طروحاتهم، وحتى قناعاتهم عن بعض وحتى في خلاف السياسات..
في مبنى مؤسسة اليمامة في الملز، والذي يعد في وقته مثالياً لجريدة تتطلع أن تخرج من الأسر التقليدي، إلى العمل المهني المتطور، قاد الأستاذ تركي مسألة التحديث، مطابع جديدة وفرق عمل فنية في التبويب والإخراج وحتى الخطاطين، ومحررين على درجة عالية من تغيير أنماط الجريدة التي تعتمد على الخبر المحلي، وما تبثّه الإذاعات ووكالات الأنباء، إلى الخبر الخاص والتحقيق والمقابلات، والندوات، واستضافة الوفود والشخصيات المهمة داخلياً وخارجياً، ومن هذه النقلة ارتفع التوزيع وزادت المبيعات والاشتراكات، وتنامى الإعلان بشكل غير مسبوق، ورغم عدم توزيع أرباح كبيرة على المساهمين، الذين تعددت شكاواهم، فإن رأي الأستاذ تركي تحويل العائدات إلى الاستمرار بالتطوير، وكانت هذه السياسة ناجحة لأن تداعياتها اللاحقة، هي التي جلبت الأرباح وحولت الجريدة إلى مطبوعة على سلم أولويات الصحف المحلية، وتنافس العربية..
بقي أن أقول إن نقطة ضعف طالما كانت موضوع حوار بيني وبين المرحوم فوزان الصالح في الجريدة، وهي (كلمة الرياض) والتي كانت عموداً صغيراً يكتبه أخ من لبنان وهي في الأصل مترجماً ويعتمد التعليق على الخبر كمقال واسمه الأستاذ «إبراهيم جزيني» وكان هدفنا أن تكون كلمة الرياض بوزن حجمها ومعاصرتها للأحداث العربية والدولية الملتهبة، وفي مواجهة مع الأستاذ تركي طرحنا مشروع الافتتاحية، مضامينها، ومساحتها، وأن تنتقل إلى تحليل المواقف المستجدة كجزء من شخصية الجريدة، بدلاً أن تكون مجرد خبر..
تم التوافق على أن نبدأ التجربة بكتابتها بالتناوب، وبدون اسم عليها، وبالفعل تغير مفهوم القارئ حين أصبحت مجال تعليق من الإذاعات ووكالات الأنباء، واعتبارها رأيا يتلاقى مع سياسة المملكة، وطبعاً كان الحذر الذي فرضناه على كل منا باعتبارها ليست رأياً شخصياً وإنما نحمل مسؤولية رأي الجريدة، ظل التزامنا مستمراً، مع رقابة من رئيس التحرير كعين ثالثة، إدراكاً منه لحساسية المرحلة وصعوبتها..
بعد سنوات قليلة توفي المرحوم فوزان، وأسندت المهمة لي، وقطعاً تخليت عن كتابة صفحة آفاق، لأن كتابة يومية للمقال الرئيس بالجريدة والذي تستدعي الظروف أحياناً، تغيير بآخر لأي مستجد جديد من الأحداث سواء كان محلياً أو دولياً، فرض علي تفرغاً تاماً وفقاً لرؤية الأستاذ تركي، وقد لا أقول إن المهمة سهلة، وأنت تواجه رأياً عاماً داعياً، وكذلك قرادتها من عدة محطات فضاء اتخذتها في مقدمة استعراض ما تكتبه الصحافة، ومع ذلك لم يكن أحد يفهم اسماً لكاتبها، لأنها، كعادة كثير من الصحف تكتب هذه الصيغة كتقليد متعارف عليه، غير أنه مع تطور الظروف وإثارة موضوعاتها بالجمعية العمومية، وثناء ربما لا أستحقه من الحاضرين، رأى رئيس التحرير الأستاذ تركي، أن يعلن اسم كاتبها كحق قانوني، ولتختفي بعض الادعاءات بمن يكتبها، فكان إعلان الاسم عليها ضاعف من مسؤولياتي الشخصية لأن ثقل المهمة حوّل المجهول إلى معلوم..
لا أنسى أنه في معمعة الحرب العراقية - الإيرانية، ثم غزو الكويت، كنت أكتب بحس المسؤولية الوطنية، وغير مهتم بمن يمنحني أوصاف العمالة والرجعية، لكن ما كان دافعاً للقلق والخوف التهديد بالقتل أو خطف أحد أبنائي، أو نسف سيارتي بخطابات تأتي من دول خارج المملكة، أو مكالمات من هواتف العملة بالشارع، ومع ذلك قلت هذا جزء من ضريبة العمل، وما سيجري لا أستطيع تحديده أو منعه..
الشيء الآخر أن كلمة الرياض التي ظلت سجلاً يومياً لتاريخ سياسي بتحولاته وتناقضاته تتغير بالشهر الواحد، جاء زعم من السفارات الأجنبية بالمملكة، أنني أكتب بإيحاء أو تعليمات من الديوان الملكي أو وزارة الخارجية، وكانت تترجم، حسب ما قال لي أكثر من سفير عربي وأجنبي ألتقي بهم بالجريدة، أن ذلك لم يكن وهماً، وإنما جزماً حقيقياً، بينما، لو كان هذا صحيحاً، فكان أول من اطلع على هذا التكليف رئيس التحرير نفسه، وهو الذي يعلم كيف تكتب وتنشر كشاهد ومراقب عليها..
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
وللأمانة التاريخية التي تستدعي قول الحقيقة، أنني عشت أجمل أيام حياتي بجريدة الرياض بصحبة أخوة، لا أصدقاء فقط، وأتذكر أنه رغم مساهماتي القاصرة، كنت مشاركاً بالرأي، وغير متطفل، حيث هم من كرموني بتبادل الآراء والأفكار، وعلى سبيل المثال، أذكر أن المرحوم الأستاذ محمد أبا حسين، نائب رئيس تحرير الجريدة، كان يشرف على معظم مواد الجريدة ومقالاتها، وكان الزميل الأستاذ محمد رضا نصر الله، له زاوية في آخر صفحة الجريدة يكتبها كل يوم باسم «أصوات» تتعرض لمواضيع اجتماعية في الغالب، طَرْحتُ فكرة أن يحول هذا العامود إلى مقال ساخر يصبح مشروع ابتسامة مواضيع الجادة، وبعد صمت، وهو الذي لا يعطي رأياً مباشراً، قال ماذا تقترح كعنوان، قلت نسميها «غرابيل»تحمل المعنى المغربي (منخل) وبلهجة المنطقة الوسطى (عذاب الدنيا)، على أن تكتب بأكثر من اسم سواء من كتاب الجريدة، أو خارجها، وبالفعل خرجت فلاقت صدى غير متوقع لطرافة موضوعها وسخريته وقصره.
قلت إنني كتبت بمعظم مساحات الجريدة، وشاركت في مؤتمرات، ودعوات خارجية، وتعليقات على مواقف في المحطات الداخلية والخارجية، وكان من بين التطورات التي أسهمت بنقلة نوعية ملحق الرياض الأسبوعي، والذي كنت من بين المساهمين في مقالات خارج سياق السياسة تجنباً لتكرار المواضيع..
أمر أخير، وهو أنني تشرفت أن أكون عضواً في مجلس إدارة مؤسسة اليمامة ضمن كوكبة من إداريين جعلتني أطلع على خطط وسياسات المؤسسة وتطلعاتها، واستشرافها للمستقبل البعيد، وهي لا تقل في مسؤولياتها عن مهمات العمل في ميدان الكتابة، وأشهد أن الاحتكام إلى الرأي الجماعي في أي خلاف كان، كان يحسمه الاقتراع بالأصوات، وهو أحد أسرار نجاح المؤسسة والجريدة تحديداً حين أخذت المساحة الأهم والازدهار المهني، والأرباح غير المسبوقة.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
تجربة أعتبرها جزءا من قدر قادني لهذه المهمة دون تخطيط مسبق، ولكنها المصادفات، حين عشقت القراءة صبياً، وكتبت أول مقال بجريدة القصيم بجانب كتابها الرئيسيين وفي صفحتها الأولى كحكاية لشاب لم يتجاوز الثامنة عشرة رأى نفسه في صف من كان يتمنى رؤيتهم، وتلك قصة أخرى تذكر كبدايات لسنوات جعلتني أكتب هذه الكلمات للتاريخ، والتاريخ فقط، ولكن في عمقها يأتي رجل طالما عشت معه سنوات العمر نختلف على القضايا الكثيرة، ولكننا لا نسمح أن تغير من عمق صداقتنا، لقد كان المرحوم تركي العبدالله السديري قيمة هائلة، حظّى الكبير أنني كنت من أقرب من تفاعل معه بصدق، وعاش معه أكثر من أخ، وأكبر من صديق..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.