النموذجان الغربي والشرقي نموذجان لا يتطابقان في كثير من تفاصيل الحياة الحضارية والثقافية والاجتماعية وحتى القانونية، ويتنافسان في القيادة الإدارية والصناعية، وكانت الكفة ترجح النموذج الغربي لعدة أسباب في مقدمتها قوة الإعلام الهائلة والمؤثرة، التي تبرز أخطاء النموذج الشرقي وتغض الطرف عن أخطاء النموذج الغربي، وتبرز نجاحات النمودج الغربي وتغض الطرف عن نجاحات النموذج الشرقي، هذا غير المبالغات الإعلامية في كلتا الحالتين، لعل أبرز هذه المغالطات التي تعمد الإعلام إبرازها هي مسألة حقوق الإنسان، فصور لنا الإعلام الغربي أن الغرب منبع حقوق الإنسان وصمام أمانه، وأن الثورات الغربية والمواثيق هي التي صنعت هذه الرفاهية الحقوقية، طبعًا لسنا كمسلمين مؤمنين بهذا الطرح الإعلامي لمعرفتنا الحقيقية بديننا الإسلامي الحنيف ومضامينه، ومؤمنون بأن ديننا هو مصدر كل الحقوق ليس تعصبًا ولكنها الحقيقة. جاءنا وفاجأنا فيروس كورونا ليكشف الضبابية عن عيون المخدوعين الذين ضللهم وخدعهم الإعلام الغربي بأن حكوماتهم وقوانينهم وأنظمتهم تحمي حقوق الإنسان، وتضع الإنسان والإنسانية في مقدمة أولوياتها لتبين للجميع أن هناك تخاذلاً منهم في حماية الإنسان من خطر الموت، بل حتى في حفظ كرامته بعد موته، وبين للعالم أجمع مقدار التفكك الأسري الغربي، الذي صنعته الحضارة الغربية المزعومة، وتبين عورات كثيرة في النموذج الغربي، وجاء الدليل على ألسنة سياسيهم وتصريحاتهم المفزعة والمهينة، ونقله لنا إعلامهم الذي طالما تغنى بنماذجهم الباهرة، ولا يعني هذا سلامة النموذج الشرقي من بعض هذه المآسي، ولكن النموذج الشرقي متعدد المشارب، وفيه من التنوع والتعدد الشيء الكثير، وما يهمني هو نموذجنا السعودي الذي جاء مثاليًا مشرفًا للقيادة وللمواطنين والمقيمين، نموذجًا تجلت فيه الإنسانية، وتنحت بعيدًا الجوانب المادية، وأصبح هاجس القيادة الحكيمة هو حفظ الإنسان روحًا وجسدًا وصيانة كرامته وطمأنينته وسكونه وتوفير كل متطلباته. حفظ الله بلاد الحرمين الشريفين من كل مكروه حكومة وشعبًا ووطنًا وكل من يقيم على ثرى هذا الوطن العظيم، وأن يشمل حفظه ورعايته الجميع.