قيمة أخلاقية جميلة في كل مجال، تجعل الإنسان يستند في أقواله على الحقائق، تجعله منضبطا، دقيقا، غير متناقض بين أقواله وأفعاله، المصداقية هي الأمانة والموضوعية والصدق مع الذات، هي نقيض الكذب والخداع والغش، هي الصراحة وإعطاء المعلومات الصحيحة وليس المعلومات الجميلة المرضية للمتلقي رغم أنها معلومات غير صحيحة. المعلومات الخاطئة قد تكون سببا للرضا لبعض الوقت ولكنها قد تكون كارثية على المدى البعيد، المصداقية قيمة مهمة مطلوبة في كل المجالات، في مجال الإعلام، هل سقطت في هذا الزمن المقولة المشهورة المنسوبة لوزير إعلام هتلر (اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس). الواقع الحديث المتغير بثقافته ووسائله يقول إن تلك المقولة سقطت ولم يعد تطبيقها يؤثر على الناس، مستوى الوعي والتعليم، وثورة المعلومات، والتطور الهائل في تقنية الاتصالات، جعل المصداقية من أهم عوامل النجاح، واستمرار النجاح. الآن تتحول تلك المقولة إلى: اكذب لمرة واحدة وسوف تنكشف، وهذا ما ينطبق على قناة الجزيرة التي لا تبحث عن الحقيقة، وإنما تفعل العكس باختراع الأكاذيب، وما زالت هذه القناة الكاذبة تطبق مقولة وزير إعلام هتلر فتكرر الكذب عدة مرات أملا في تثبيتها كحقيقة، مع أن الكذبة تكون انكشفت مع انطلاقتها الأولى. في مجال الإدارة تفشل سياسة الوعود المسكنة والأخبار الجيدة الكاذبة، وتنجح سياسة الشفافية ولغة الحقائق والأرقام وليس اللغة الإنشائية، وتعتبر المصداقية إحدى الصفات المهمة إن لم تكن الأهم التي يملكها القادة والمديرون الناجحون، يتطرق علم النفس الإداري لهذا الموضوع كما فعلت المتخصصة في هذا المجال كاريسا ثاكر مؤلفة كتاب (فن المصداقية). في التربية، إذا فقد الأب القدوة مصداقيته فسوف يفقد تأثيره الإيجابي على أبنائه، وإذا فقد المعلم مصداقيته فكيف يتمكن من تحقيق التأثير التربوي والعلمي. في التجارة، يسقط التاجر حين يستغل الأزمات لرفع الأسعار وهو يرفع شعار: الأمانة شعارنا. في العلاقات الإنسانية بين الأقارب والأصدقاء والزملاء يتوفر وقت وفرص لاختبار المصداقية ومن ثم تقييم العلاقة وفقا لنتائج هذا الاختبار. في كل مجال، يفقد الإنسان مكانته وتأثيره وشعبيته إذا اتضح أنه بلا مصداقية. في عالم التوجيه والإرشاد والنقد لن تصل الرسالة إلى المتلقي إذا كان المرسل لا يمتلك المصداقية حتى وإن وصلت بشكلها المادي، لأن العبرة بالوصول هي التأثير.