عقدتي المحببة: الشوارع الخلفية أحبها أكثر من اللازم. ولأقف عند «اللازم» بشكل أحاول أن يكون ظني به يستحق الانغماس، في كل مدينة أو بلد أزوره أبحث عنها فإن لم أجدها صباحاً تجدني هي مساءً. إنها الشوارع التي تسير معك بحميمية ذبذبة مذياع صيف أخر الليل أو حفيف شجر في ليلة شتوية مستحقة، الشوارع التي تؤدي بك وأنت تسير لمحاولة أرجحة الظلام إلى أن يسقط الليل في حضن الفجر، التي تجعل الأحمال تتساقط منك بسهولة «املأ الفراغ الآتي بالحدس الخاطئ»، تلك التي حين تسير ببطء تسربلك بشعور اللا انهزام وحين تسرع الخطى يقابلك الابتسام على طرفها المقابل، تأتيك بها الأفكار على هيئة: نخب الضوء، وتغادرك الأفكار على شكل: قلب منزوع الهوى والأشواك. حين يضيق بك كل شيء - من دون استراتيجيات - تذهب أنت لها، وحين تتسع هي تأتيك - بلا تكتيك - وفِي الحالتين يضمحل ما كان يؤذيك، إنها الشوارع التي تَخلق لك فرصة أن تجد بها ورقةً بها قصيدة حروفها غير تامة الوضوح، وإن كان ملمسها يشي بأنها قصيدة عشق كتبت وقت غضب وهذيان وخذلان. سليمان نويديس التمياط